( وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه حربي أو أدان هو حربيا أو غصب أحدهما صاحبه ثم خرج إلينا واستأمن الحربي لم يقض لواحد منهما على صاحبه بشيء ) أما الإدانة فلأن القضاء [ ص: 19 ] يعتمد الولاية ولا ولاية وقت الإدانة أصلا ولا وقت القضاء على المستأمن ; لأنه ما التزم حكم الإسلام فيما مضى من أفعاله وإنما التزم ذلك في المستقبل . وأما الغصب فلأنه صار ملكا للذي غصبه واستولى عليه لمصادفته مالا غير معصوم على ما بيناه ، وكذلك لو كانا حربيين فعلا ذلك ثم خرجا مستأمنين لما قلنا ( ولو خرجا مسلمين قضي بالدين بينهما ولم يقض بالغصب ) أما المداينة فلأنها وقعت صحيحة لوقوعها بالتراضي ، والولاية ثابتة حالة القضاء لالتزامهما الأحكام بالإسلام . وأما الغصب فلما بينا أنه ملكه ولا خبث [ ص: 20 ] في ملك الحربي حتى يؤمر بالرد .
( قوله : وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه حربي أو أدان هو حربيا أو غصب أحدهما صاحبه ) مالا ( ثم خرج ) المسلم ( إلينا واستأمن الحربي ) فخرج أيضا مستأمنا ( لم يقض لواحد منهما على صاحبه بشيء . أما الإدانة فلأن القضاء [ ص: 19 ] يعتمد الولاية ولا ولاية وقت الإدانة ) على واحد منهما ( ولا وقت القضاء على المستأمن ; لأنه ما التزم أحكام الإسلام فيما مضى من أفعاله ، وإنما التزم في المستقبل ) ولكن يفتى بأنه يجب عليه القضاء فيما بينه وبين الله تعالى ، وهذا قاصر كما ترى لا يشمل وجه عدم القضاء على المسلم ، ولذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف يقضى على المسلم ، وعموم عدم القضاء كما في الهداية قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد . واستشكل قولهما بأن المسلم ملتزم أحكام الإسلام مطلقا وصار كما لو خرجا مسلمين .
وكون nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة اعتبر ديانة كل منهما عند القضاء هو أيضا مما يحتاج إلى موجب . وأجاب في الكافي بأن ذلك للتسوية بين الخصمين ، ولا يخفى ضعفه ، فإن وجوب التسوية بينهما ليس في أن يبطل حق أحدهما بلا موجب لوجوب إبطال حق الآخر بموجب ، بل إنما ذلك في الإقبال والإقامة والإجلاس ونحو ذلك ، والإدانة البيع بالدين ، والاستدانة الابتياع بالدين . ( وأما ) أنه لا يقضى ( بالغصب ) لكل منهما ( فلأنه صار ملكا للذي غصبه ) سواء كان الغاصب كافرا في دار الحرب أو مسلما مستأمنا ( على ما بينا ) أي في باب استيلاء الكفار من أن الاستيلاء ورد على مال مباح ; لأن الفرض أن كلا منهما خرج إلى دار الإسلام ، وفي غصب المسلم إذا دخل واحد أو اثنان مغيرين دار الحرب إلخ ، إلا أن المسلم المستأمن الغاصب لمال الحربي يؤمر بالرد إفتاء لا قضاء ; لترتفع معصية الغدر .
وفي كلام المصنف إشارة إليه كما ترى ( وكذا لو كانا حربيين فعلا ذلك ) أي أدان أحدهما صاحبه أو غصبه ( ثم خرجا ) إلينا ( مستأمنين لما قلنا ، فإن خرجا مسلمين ) وقد أدان أحدهما الآخر أو غصبه ( يقضى بالدين بينهما خاصة دون الغصب ) أما ( القضاء بالمداينة ) أي بالدين ( فلأنها ) حين وقعت ( وقعت صحيحة ; لوقوعها بالتراضي ، والولاية ثابتة حالة القضاء لاعترافهما بأحكام الإسلام ) ولا ترجيح لأحدهما على الآخر إذ لم يقض لأحدهما دون الآخر بل سوينا بينهما ، وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لا يحتاج إلى هذه العلاوة إذ يقضى للحربي على المسلم على قوله كما ذكرنا آنفا . ( وأما الغصب ) فإنما لا يقضى به لإتلافه فيما ملكه ( ولا خبث [ ص: 20 ] في ملك الحربي ليؤمر بالرد ) وفيه إشارة إلى ما قدمنا ذكرها .