[ ص: 153 ] قال ( الشركة ضربان : شركة أملاك ، وشركة عقود . فشركة الأملاك : العين يرثها رجلان أو يشتريانها فلا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصيب الآخر إلا بإذنه ، وكل منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي ) وهذه الشركة تتحقق في غير المذكور في الكتاب كما إذا اتهب رجلان عينا أو ملكاها بالاستيلاء أو اختلط مالهما من غير صنع أحدهما [ ص: 154 ] أو بخلطهما خلطا يمنع التمييز رأسا أو إلا بحرج ، ويجوز بيع أحدهما نصيبه من شريكه في جميع الصور ومن غير شريكه بغير إذنه إلا في صورة الخلط والاختلاط فإنه لا يجوز إلا بإذنه ، وقد بينا الفرق في كفاية المنتهى
( قوله الشركة ضربان : شركة أملاك ، وشركة عقود . فشركة الأملاك العين يرثها الرجلان أو يشتريانها ) وظاهر هذا الحمل من nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري القصر ، فذكر المصنف أنها لا تقتصر على ما ذكر بل تثبت فيما إذا اتهبا عينا أو ملكاها بالاستيلاء بأن استوليا على مال حربي يملك ماله بالاستيلاء أو اختلط مالهما من غير صنع من أحدهما بأن انفتق كيساهما المتجاوران فاختلط ما فيهما أو اختلط بخلطهما خلطا يمنع التمييز كالحنطة بالحنطة أو يتعسر كالحنطة بالشعير ; ولو قال : العين يملكانها كان شاملا ، إلا أن بعضهم ذكر من شركة الأملاك الشركة في الدين فقيل مجاز لأن الدين وصف شرعي لا يملك ، وقد يقال : بل يملك شرعا ولذا جاز هبته ممن عليه ، وقد يقال إن الهبة مجاز عن الإسقاط ولذا لم تجز من غير من عليه ، والحق ما ذكروا من ملكه ، ولذا ملك ما عنه من العين على الاشتراك حتى إذا دفع من عليه إلى أحدهما شيئا كان للآخر [ ص: 154 ] الرجوع عليه بنصف ما أخذ ، وليس له أن يقول هذا الذي أخذته حصتي وما بقي على المديون حصتك ، ولا يصح من المديون أيضا أن يعطيه شيئا على أنه قضاه وأخر الآخر .
قالوا : والحيلة في اختصاص الآخذ بما أخذ دون شريكه أن يهبه من عليه مقدار حصته ويبرئه هو من حصته ، وحكم هذه الشركة أنه لا يجوز أن يتصرف في نصيب شريكه إلا بأمره لأن كلا منهما في نصيب الآخر كالأجنبي عن الشركة لعدم تضمنها وكالة ، وأنه يجوز له أن يبيع نصيبه من الشريك في جميع الصور ( و ) أما ( من غير الشريك فيجوز بغير إذنه في جميع الصور إلا في صورة الخلط والاختلاط فإنه لا يجوز ) بيع أحدهما نصيبه من غير الشريك ( إلا بإذن الشريك ) قال المصنف ( وقد بينا الفرق في كفاية المنتهى ) وحقيقة الفرق ما أشار إليه في الفوائد الظهيرية وهو أن الشركة إذا كانت بينهما من الابتداء بأن اشتريا حنطة أو ورثاها كانت كل حبة مشتركة بينهما فبيع كل منهما نصيبه شائعا جائز من الشريك والأجنبي ، بخلاف ما إذا كانت بالخلط والاختلاط ، لأن كل حبة مملوكة بجميع أجزائها لأحدهما ليس للآخر فيها شركة ، فإذا باع نصيبه من غير الشريك لا يقدر على تسليمه إلا مخلوطا بنصيب فيتوقف على إذنه ، بخلاف بيعه من الشريك للقدرة على التسليم والتسلم .
وأما ما ذكر شيخ الإسلام من أن خلط الجنس بالجنس تعديا سبب لزوال الملك عن المخلوط ماله إلى الخالط ، فإذا حصل بغير تعد يكون سبب الزوال ثابتا من وجه دون وجه فاعتبر نصيب كل واحد زائلا إلى الشريك في حق البيع من الأجنبي غير زائل في حق البيع من الشريك فقد يمنع ثبوت الزوال من وجه فإن تمام السبب فيه هو التعدي ، فعند عدمه لا يثبت من وجه وإلا لكانت جميع المسببات ثابتة من وجه قبل أسبابها ، وأيضا فالزوال إلى الخالط عينا لا إلى كل منهما فلا يترتب عليه اعتبار نصيب كل منهما زائلا إلى الشريك الآخر عند البيع من الأجنبي ، بل المترتب عليه اعتباره زائلا إلى الشريك الخالط عينا فلا يلزم اعتبار نصيب كل منهما زائلا إلى الشريك في البيع من الأجنبي ، بل اعتبار نصيب غير الخالط فقط إذا باع من الأجنبي .
وإنما قلنا : إن تمام السبب التعدي لأن الخلط لا يظهر أثره في ذلك وإنما يتبين به أي تعد هو السبب في زوال الملك في هذا المال فيقال التعدي في خلطه