( ولا يجوز السلم بمكيال رجل بعينه ولا بذراع رجل بعينه ) معناه إذا لم يعرف مقداره لأنه تأخر فيه التسليم فربما يضيع فيؤدي إلى المنازعة وقد مر من قبل ، ولا بد أن يكون المكيال مما لا ينقبض ولا ينبسط كالقصاع مثلا ، فإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل والجراب لا يجوز للمنازعة إلا في قرب الماء للتعامل فيه ، كذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله . قال ( ولا في طعام قرية بعينها ) أو ثمرة نخلة بعينها لأنه قد يعتريه آفة فلا يقدر على التسليم وإليه أشار [ ص: 89 ] عليه الصلاة والسلام حيث قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=67203أرأيت لو أذهب الله تعالى الثمر بم يستحل أحدكم مال أخيه ؟ } ولو كانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة لا بأس به على ما قالوا كالخشمراني ببخارى والبساخي بفرغانة .
( قوله ولا يجوز السلم بمكيال رجل بعينه وبذراع رجل بعينه ) قال المصنف ( معناه إذا كان لا يعرف مقداره ) أما إذا عرف فيجوز لضبط المقدار لو تلف ذلك المكيال والذراع ، وإنما لا يجوز لما ذكرنا من احتمال هلاك ما قدر به فيتعذر الإيفاء .
قال ( وقد مر من قبل ) يريد أول كتاب البيوع وهو قوله ويجوز البيع بإناء بعينه لا يعرف مقداره وبوزن حجر بعينه ، إلى أن قال : بخلاف السلم إلى آخره .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه لا يجوز أيضا في بيع العين بالعين لأنه بيع ليس بمكايلة ولا مجازفة ، وبيع الحنطة إنما يجوز على أحدهما ، والصحيح الأول والحصر ممنوع ويتقدر التسليم فهذا بيع مجازفة ، ثم لا بد ( أن يكون المكيال مما لا ينقبض وينبسط كالقصاع ) والحديد والخزف ( فإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل ) والغرارة ( لا يجوز للمنازعة ) عند التسليم ( إلا في قرب الماء فيما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف للتعامل فيه ) فإنه أجازه ، وهو أن يشتري من سقاء كذا كذا قربة من ماء النيل أو غير ذلك مثلا بهذه القربة وعينها جاز البيع ، ومقتضى القاعدة المذكورة أنه لا يجوز إذا عين هذه القربة ، والله أعلم ولكن بمقدارها .
والزنبيل بالفتح بلا تشديد وبالكسر مشدد الباء ويقال زنبيل أيضا ( قوله ولا في طعام قرية بعينها ) كحنطة بلدة الفهميين والمحلة ببلاد مصر ( أو ثمرة نخلة بعينها ) أو بستان بعينه ( لأنه قد يعتريه آفة فتنتفي قدرة التسليم ) قال المصنف ( وإليه أشار رسول الله [ ص: 89 ] صلى الله عليه وسلم بقوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=84307أرأيت لو ذهب ثمرة هذا البستان بم يستحل أحدكم مال أخيه } ) فإن معنى هذا أنه لا يستحق بهذا البيع ثمنا إن لم يخرج هذا البستان شيئا فكان في بيع ثمر هذا البستان غرر الانفساخ فلا يصح ، بخلاف ما إذا أسلم في حنطة صعيدية أو شامية فإن احتمال أن لا ينبت في الإقليم برمته شيء ضعيف فلا يبلغ الغرر المانع من الصحة فيجوز ، فهذا الحديث يفيد عدم صحة البيع سواء كان وروده في السلم أو في البيع مطلقا .
وفي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=84310إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه هذا ؟ } ( فلو كانت نسبة الثمرة إلى قرية ) معينة ( لبيان الصفة ) لا لتعيين الخارج من أرضها بعينه ( كالخشمراني والبساخي ) ببخارى وهي قرية حنطتها جيدة ( بفرغانة لا بأس به ) ولأنه لا يراد خصوص النابت هناك ، بل الإقليم ، ولا يتوهم انقطاع الحنطة هناك لأنه إقليم ، وكذا إذا قال من حنطة هراة يريد هراة خراسان ولا يتوهم انقطاع طعام إقليم بكماله ، فالسلم فيه وفي طعام العراق والشام سواء ، وكذا في ديار مصر في قمح الصعيد .
والذي في الخلاصة وذكر معناه في المجتبي وفي غيره : لو أسلم في حنطة بخارى أو حنطة سمرقند أو إسبيجاب لا يجوز لتوهم انقطاعه . ولو أسلم في حنطة هراة لا يجوز ، وفي ثوب هراة وذكر شروط السلم يجوز لأن حنطتها يتوهم انقطاعها إذ الإضافة لتخصيص البقعة فيحصل السلم في موهوم الانقطاع ، بخلاف إضافة الثوب لأنها لبيان الجنس والنوع لا لتخصيص المكان ، ولذا لو أتى المسلم إليه في ثوب هروي بثوب نسج في غير ولاية هراة من جنس الهروي : يعني من صفته ومؤنته يجبر رب السلم على قبوله ، فظهر أن المانع والمقتضي العرف ، فإن تعورف كون النسبة لبيان الصفة فقط جاز وإلا فلا يبينه ما في الخلاصة قال : لو كان ذكر النسبة لا لتعيين المكان كالخشمراني فإنه يذكر لبيان الجودة لا يفسد [ ص: 90 ] السلم ، وإن كان يتوهم انقطاع حنطة ذلك الموضع مثل الثوب جاز السلم وإلا لا ، أما السلم في الحنطة الصعيدية والعراقية والشامية فلا شك في جوازه .
وفي شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : لو أسلم في حنطة حديثة قبل حدوثها فالسلم باطل لأنها منقطعة في الحال ، وكونها موجودة في وقت العقد إلى وقت المحل شرط لصحة السلم