ولو كان القاضي عدلا ففسق بأخذ الرشوة أو غيره لا ينعزل ويستحق العزل ، وهذا هو ظاهر المذهب وعليه مشايخنا رحمهم الله . [ ص: 255 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : الفاسق لا يجوز قضاؤه كما لا تقبل شهادته عنده ، وعن علمائنا الثلاثة رحمهم الله في النوادر أنه لا يجوز قضاؤه . وقال بعض المشايخ رحمهم الله : إذا قلد الفاسق ابتداء يصح ، ولو قلد وهو عدل ينعزل بالفسق لأن المقلد اعتمد عدالته فلم يكن راضيا بتقليده دونها .
( ولو كان القاضي عدلا ) قبل الولاية فولي ( ففسق ) وجاز ( بأخذ الرشوة وغيرها ) من أسباب الفسق ( لا ينعزل ويستحق العزل هذا هو ظاهر المذهب وعليه مشايخنا ) البخاريون والسمرقنديون ومعنى يستحق العزل أنه يجب على السلطان عزله ذكره في الفصول . وقيل إذا ولي عدلا ثم فسق انعزل لأن عدالته في معنى المشروطة في ولايته ، لأنه حين ولاه عدلا اعتمد عدالته فكانت ولايته مقيدة بعدالته فتزول بزوالها ، ولا شك أنه لو لزم ذلك انعزل فإن الولاية تقبل التقييد والتعليق بالشرط كما إذا قال له إذا وصلت إلى بلدة كذا فأنت قاضيها ، وإذا وصلت إلى مكة فأنت أمير الموسم ، والإضافة كأن يقول : جعلتك قاضيا في رأس الشهر ، ويستثنى منها كأن يقول جعلتك قاضيا إلا في قضية فلان أو لا تنظر في قضية كذا ، لكن لا يلزم ذلك إذ لا يلزم من اختيار ولايته لصلاحه تقييدها به على وجه تزول بزواله فلا ينعزل .
وبهذا التقرير اندفع المورد من أن البقاء أسهل من الابتداء ، وفي الابتداء يجوز ولاية الفاسق ، ففي البقاء لا ينعزل . واتفقوا في الإمرة والسلطنة على عدم الانعزال بالفسق لأنها مبنية على القهر والغلبة .
وحكي في الفصول في نفاذ قضاء القاضي فيما ارتشى فيه ثلاثة أقوال : لا ينفذ فيما ارتشى فيه ، وينفذ فيما سواه . وهو اختيار شمس الأئمة ، لا ينفذ فيهما ، ينفذ فيهما ، وهو ما ذكر البزدوي ، وهو حسن لأن حاصل أمر الرشوة فيما إذا قضى بحق أجابها فسقه وقد فرض أن الفسق لا يوجب العزل [ ص: 255 ] فولايته قائمة وقضاؤه بحق فلم لا ينفذ ، وخصوص هذا الفسق غير مؤثر ، وغاية ما وجه به أنه إذا ارتشى عامل لنفسه أو ولده يعني والقضاء عمل الله تعالى وارتشاء القاضي أو ولده أو من لا تقبل شهادته أو بعض أعوانه سواء إذا كان بعلمه ، ولا فرق بين أن يرتشي ثم يقضي أو يقضي ثم يرتشي ، وفيه لو أخذ الرشوة ثم بعث إلى شافعي ليقضي لا ينفذ قضاء الثاني ، لأن الأول عمل في هذا لنفسه حين أخذ الرشوة وإن كان كتب إلى الثاني ليسمع الخصومة وأخذ مثل أجر الكتاب صح المكتوب إليه ، والذي قلد بواسطة الشفعاء كالذي قلد احتسابا في أنه ينفذ قضاؤه وإن كان لا يحل طلب الولاية بالشفعاء .
الثالث : أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع وهو حرام على الآخر لا الدافع ، وحيلة حلها للآخذ أن يستأجره يوما إلى الليل أو يومين فتصير منافعه مملوكة ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للأمر الفلاني . وفي الأقضية قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها فقال : حلال من الجانبين كالإهداء للتودد . وحرام من الجانبين كالإهداء ليعينه على الظلم ، حلال من جانب المهدي حرام على الآخذ وهو أن يهدي ليكف عنه الظلم . والحيلة أن يستأجره إلخ ، قال : هذا إذا كان فيه شرط ، أما إذا كان الإهداء بلا شرط ولكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي إليه ليعينه عند السلطان فمشايخنا على أنه لا بأس به ، ولو قضى حاجته بلا شرط ولا طمع فأهدى إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به ، وما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من كراهته فورع . الرابع ما يدفع لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه وماله حلال للدافع حرام على الآخذ ، لأن دفع الضرر عن المسلم واجب ولا يجوز أخذ المال ليفعل الواجب .