( ومن قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر إن أجمع البائع على ترك الخصومة وسعه أن يطأها ) لأن المشتري لما جحده كان فسخا من جهته ، إذ الفسخ يثبت به كما إذا تجاحدا فإذا عزم البائع على ترك الخصومة ثم الفسخ ، وبمجرد العزم إن كان لا يثبت الفسخ فقد اقترن بالفعل وهو إمساك الجارية ونقلها وما يضاهيه ، ولأنه لما تعذر استيفاء الثمن من المشتري فات رضا البائع فيستبد بفسخه .
( قوله ومن قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية فأنكر إن أجمع البائع على ترك الخصومة وسعه أن يطأها ل ) وجهين أحدهما ( أن المشتري لما جحد كان فسخا من جهته إذ الفسخ يثبت بالجحد كما إذا تجاحدا ) معا حيث ينقسم قطعا ( فإن عزم البائع على ترك الخصومة تم الفسخ ) وأورد عليه أن مجرد العزم لا يحصل به الفسخ ; ألا ترى أن من له خيار الشرط إذا عزم بقلبه على فسخ العقد لا ينفسخ . الجواب بأن المراد العزم المؤكد بفعل اقترن به من إمساكها [ ص: 330 ] أو نقلها إلى بيته ، فإن إمساكها لا يحل بلا فسخ فكان الفسخ ثابتا به دلالة كمن قال لآخر أجرتك هذه الدابة يوما بكذا لتركبها إلى مكان كذا فأخذ المستأجر ليركبها كان ذلك قبولا دلالة ، لأن الأخذ والاستعمال لا يحل بلا قبول . وفي المحيط تفسير العزم على ترك الخصومة بالقلب عند بعضهم ، وقيل أن يشهد بلسانه على العزم بالقلب ولا يكتفي بمجرد النية . وبنى في الفوائد الظهيرية عليه فرعا ذكره في الجامع : اشترى عبدا ثم باعه من آخر فجحد المشتري الثاني البيع فخاصمه المشتري الأول إلى القاضي ولا بينة له فعزم المشتري الأول على ترك الخصومة ثم اطلع على عيب كان عند البائع الأول وأراد رده فاحتج البائع الأول عليه بدعواه البيع على الثاني ، فإن كان عزم المشتري على ترك الخصومة بعد تحليف الثاني يرده ، أو قبله فلا لأنه غير مضطر في فسخ البيع الثاني ، وهذا بخلاف ما لو جحد الزوج النكاح وحلف وعزمت الزوجة على ترك الخصومة لم يكن لها أن تتزوج ، والنكاح لا يحتمل الفسخ بسبب من الأسباب . الوجه الثاني التزام أن الفسخ يحصل بواحد وهو قوله ولأنه لما تعذر استيفاء الثمن من المشتري فات رضا البائع فيستبد بفسخه لفوات شرط البيع وهو التراضي ، وسنذكر نظر صاحب الكافي في تدافع الوجهين قريبا .