( قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : شاهد الزور أشهره في السوق ولا أعزره . وقالا : نوجعه ضربا ونحبسه ) وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله . لهما ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه ضرب شاهد الزور أربعين سوطا وسخم وجهه [ ص: 476 ] ولأن هذه كبيرة يتعدى ضررها إلى العباد وليس فيها حد مقدر فيعزر . وله أن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا كان يشهر ولا يضرب ، ولأن الانزجار يحصل بالتشهير فيكتفي به ، والضرب وإن كان مبالغة في الزجر ولكنه يقع مانعا عن الرجوع فوجب التخفيف نظرا إلى هذا الوجه .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه محمول على السياسة بدلالة التبليغ إلى الأربعين والتسخيم [ ص: 477 ] ثم تفسير التشهير منقول عن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله ، فإنه كان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيا ، وإلى قومه إن كان غير سوقي بعد العصر أجمع ما كانوا ، ويقول : إن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا يقرئكم السلام ويقول : إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس منه . وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أنه يشهر عندهما أيضا .
والتعزير والحبس على قدر ما يراه القاضي عندهما ، وكيفية التعزير ذكرناه في الحدود ( وفي الجامع الصغير : شاهدان أقرا أنهما شهدا بزور لم يضربا وقالا يعزران ) وفائدته أن شاهد الزور في حق ما ذكرنا من الحكم هو المقر على نفسه بذلك ، فأما لا طريق إلى إثبات ذلك بالبينة لأنه نفي للشهادة والبينات للإثبات ، والله أعلم .
( فصل ) [ ص: 475 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : شاهد الزور إلخ ) أخر حكم شهادة الزور لأنها خلاف الأصل ، إذ الأصل الصدق لأن الأصل في الفطرة كونها على الحق والانحراف عنه لعارض من قبل النفس والشيطان ، وشاهد الزور لا يعرف إلا بإقراره بذلك ولا يحكم به برد شهادته لمخالفته الدعوى أو الشاهد الآخر أو تكذيب المدعي له إذ قد يكون محقا في المخالفة أو للمدعي غرض في أذاه .
وزاد شيخ الإسلام أن يشهد بموت واحد فيجيء حيا ، ولو قال غلطت أو ظننت ذلك قيل هما بمعنى كذبت لإقراره بالشهادة بغير علم . وإذا ثبت كونه شاهد زور .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : يعزر بتشهيره على الملإ في الأسواق ليس غير ( وقالا : نوجعه ضربا ونحبسه ) فصار معنى قوله ولا أعزره لا أضر به . فالحاصل الاتفاق على تعزيره غير أنه اكتفى بتشهير حاله في الأسواق ، وقد يكون ذلك أشد عليه من الضرب خفية أو هما أضافا إلى ذلك الضرب والحبس وبقولها قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ( لهما ما روي أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه ضرب شاهد الزور أربعين سوطا ) رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا أبو خالد عن nindex.php?page=showalam&ids=14078حجاج عن مكحول عن الوليد بن أبي مالك أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كتب إلى عماله بالشام أن شاهد الزور يضرب أربعين سوطا ويسخم وجهه ويحلق رأسه ويطال حبسه . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في مصنفه عن مكحول أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ضرب شاهد الزور أربعين سوطا .
وقال : أخبرنا يحيى بن العلاء . أخبرني أبو الأحوص بن حكيم عن أبيه أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بشاهد الزور أن يسخم وجهه وتلقى عمامته في عنقه ويطاف به في القبائل .
فوجه الاستدلال بذلك ممن يرى تقليد الصحابي ظاهر ، أما من لا يراه فبوجهين : أحدهما عدم النكير فيما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فكان إجماعا ، وليس بشيء لأن الإنكار لا يتجه فيما طريقه الاجتهاد ، فإذا فرض أنه أداه اجتهاده إلى ذلك فلا يجوز النكير على مجتهد في محل اجتهاده فلا حجة في هذا السكوت .
والحق أنه ينتهض عليه لأنه ينفي ضربه وهما يثبتانه ، فإن كان الضرب [ ص: 476 ] زيادة في التعزير فليكن إذ قد ثبتت الزيادة فيه به ( nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة رحمه الله أن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا رضي الله عنه كان يشهر ولا يضرب ) روى nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن في كتاب الآثار : أنا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عن الهيثم بن أبي الهيثم عمن حدثه عن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح أنه كان إذا أخذ شاهد الزور ، فإن كان من أهل السوق قال للرسول قل لهم إن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا يعرفكم ويقول لكم إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه ، وإن كان من العرب أرسل به إلى مجلس قومه أجمع ما كانوا فقال للرسول مثل ما قال في المرة الأولى .
ونحوه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع حدثنا سفيان عن أبي حصين قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح يبعث شاهد الزور إلى مسجد قومه أو إلى السوق ويقول إنا زيفنا شهادة هذا . وفي لفظ : كان يكتب اسمه عنده .
وقال الخصاف في أدب القاضي : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال : حدثنا سفيان عن أبي حصين قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح يبعث بشاهد الزور فأدخل بين nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وأبي حصين سفيان . وقد يقال : ليس في هذه الرواية ما يصرح بأنه لم يضر به بل لأنه فعل ذلك ، ولا ينفي هذا أن يقول مع شيء آخر .
ثم وجدنا هذا المحتمل مرويا . قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : أنا nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن الجعد بن ذكوان قال : أتي nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح بشاهد زور فنزع عمامته عن رأسه وخفقه بالدرة خفقات وبعث به إلى مسجد يعرفه الناس ، غير أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة يقول : إن فرضنا أنه وقع الضرب وقد قلنا إنه إنما يعرف شاهد الزور بإقراره فكان ذلك قبل أن يدري شاهد الزور الراجح أنه يفعل به ذلك ، فقد كان يظن أنه لا يحبس ولا يضرب فرجع ، فحين ترتب على رجوعه الضرب وصار ذلك مستقرا في النفوس يكون صارفا له عن الرجوع وحاملا على التمادي فوجب أن يترك ويكتفى بما ذكرت من التعزير ، هذا بعد العلم بأنه كان ممن كان منه بطريق الاجتهاد لا بالنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاز أن يجتهد في نفيه باعتبار ثبوت معنى آخر .
وأما الجواب بأن ما روي من ضرب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر [ ص: 477 ] والتسخيم كان سياسة ، فإذا رأى الحاكم ذلك مصلحة كان له أن يفعله ، فقد يرد بما ذكرنا من كتاب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر به إلى عماله في البلاد .
وأما الاستدلال على السياسة بالتبليغ إلى الأربعين ولا يبلغ بالتعزير إلى الحدود فليس بشيء ، فإن ذلك مختلف فيه فمن العلماء من يجيزه ، وقد أجاز عالم المذهب nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله أن يبلغ به خمسة وسبعون وتسعة وسبعون فجاز كون رأي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كذلك .
وأما كون التسخيم مثلة منسوخة فقد يكون رأي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أن المثلة ليست إلا في قطع الأعضاء ونحوه مما يفعل في البدن ويدوم ، لا باعتبار عرض يغسل فيزول [ ص: 478 ] واعلم أنه قد قيل إن المسألة على ثلاثة أوجه : إن رجع على سبيل الإصرار مثل أن يقول لهم شهدت في هذه بالزور ولا أرجع عن مثل ذلك فإنه يعزر بالضرب بالاتفاق ، وإن رجع على سبيل التوبة لا يعزر اتفاقا ، وإن كان لا يعرف حاله فعلى الاختلاف المذكور . وقيل لا خلاف بينهم .
فجواب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله في التائب لأن المقصود من التعزير الانزجار وقد انزجر بداعي الله تعالى . وجوابهما فيمن لم يتب ولا يخالف فيه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة . والتسخيم بالجر عطفا على قوله بدلالة التبليغ : يقال سخم وجهه ، إذا سوده من السخام وهو سواد القدر ، وقد جاء بالحاء المهملة من الأسحم وهو الأسود . وفي المغني : ولا يسحم وجهه بالخاء والحاء