( قال ) أي nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري في مختصره ( فإن ادعى كل واحد منهما ) أي من الرجلين ( نكاح امرأة وأقاما بينة لم يقض بواحدة من البينتين لتعذر العمل بها لأن المحل لا يقبل الاشتراك . قال : ويرجع إلى تصديق المرأة لأحدهما لأن النكاح مما يحكم به بتصادق الزوجين ) وحكي عن ركن الإسلام علي السغدي أنه لا تترجح إحداهما إلا بإحدى معان ثلاث : إحداهما إقرار المرأة ، والثانية كونها في يد أحدهما ، والثالثة دخول أحدهما بها إلا أن يقيم الآخر البينة أن نكاحه أسبق كذا في الشروح نقلا عن الخلاصة .
قال المصنف ( وهذا ) أي الحكم المذكور ( إذا لم تؤقت البينتان ، فأما إذا وقتا فصاحب الوقت الأول أولى ) لما فيه من زيادة الإثبات ، كذا في الكافي . قال صاحب العناية : ولقائل أن يقول : قوله فصاحب الوقت الأول أولى ليس بجلي ; لأنه إنما يكون أولى إذا كان الثاني بعده بمدة لا تحتمل انقضاء العدة فيها ، أما إذا احتملت ذلك فيتساويان [ ص: 248 ] لجواز أن الأول طلقها فتزوج بها الثاني . والجواب أن ذلك إنما يعتبر إذا كان دعوى النكاح بعد طلاق الأول وليس الكلام في ذلك ، وأيضا ما ذكرنا آنفا أن الثابت بالبينة كالثابت عيانا ، ولو عاينا تقدم الأول حكمنا به ، فكذا إذا ثبت بالبينة انتهى .
أقول : في الجواب الأول نظر ، لأنه إذا كان دعوى النكاح بعد طلاق الأول وأقيمت البينة عليها كان صاحب الوقت الثاني أولى قطعا ، وليس مدار السؤال على دعوى أولوية الثاني بل على منع أولوية الأول . وهذا المنع لا يتوقف على كون دعوى النكاح بعد طلاق الأول بل يتوجه أيضا على تقدير دعوى النكاح مطلقا : أي من غير تقييد بكونه بعد طلاق الأول فيما إذا احتملت المدة التي بين الوقتين انقضاء العدة لجواز أن الأول طلقها وانقضت عدتها فتزوج بها الثاني ، كما ذكر في السؤال فلم تثبت الأولوية في الأول مطلقا .
وأما الجواب الثاني فهو وإن كان صحيحا في نفسه إلا أن فيه نوع احتياج إلى بيان لمية الحكم بالأول ، فيما عاينا تقدمه أيضا مع الاحتمال المذكور ، فالأحسن هاهنا ما ذكره تاج الشريعة حيث قال : فإن قلت : أمكن العمل بالبينتين بتخلل الطلاق . قلت : لا يمكن لأن النكاح الثاني يحتمل أن يكون بعد الطلاق ويحتمل أن يكون مع بقاء الطلاق فلا يبطل النكاح الثابت للأول بالشك ، ولا يقال : يحمل أمرهما على الصلاح لأن هذا إنما يعتبر في الدفع لا في إبطال حق الغير وهاهنا لحاجة إلى الإبطال انتهى .
( وإن أقرت لأحدهما قبل إقامة البينة فهي امرأته لتصادقهما ، فإن أقام الآخر البينة قضي بها ; لأن البينة أقوى من الإقرار ) إذ البينة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة . وذكر في نكاح المبسوط : ولو تنازع رجلان في امرأة كل واحد منهما يدعي أنها امرأته ويقيم البينة . فإن كانت في بيت أحدهما أو كان دخل بها فهي امرأته لأن البينتين إذا تعارضتا على العقد تترجح إحداهما بالقبض . كما لو ادعى رجلان تلقي الملك في عين من ثالث بالشراء وأحدهما قابض وأقاما البينة كانت بينة صاحب اليد أولى . لأن فعل المسلم محمول على الصحة والحل ما أمكن .
والإمكان ثابت هنا بأن جعل نكاح الذي دخل بها [ ص: 249 ] ثابتا حين دخل ، وهذا لأن تمكنه من الدخول بها أو من نقلها إلى بيته دليل سبق عقده ، ودليل التاريخ كالتصريح بالتاريخ ، إلا أن يقيم الآخر البينة أنه تزوجها قبله فحينئذ سقط اعتبار الدليل في مقابلة التصريح بالسبق ، وإن لم تكن في يد أحدهما فأيهما أقام البينة أنه أول فهو أحق بها ; لأن الشهود شهدوا بسبق التاريخ في عقده ، والثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة أو بإقرار الخصم ، وإن لم يكن لهما على ذلك بينة فأيهما أقرت المرأة أنه تزوجها قبله أو أنه تزوجها دون الآخر فهي امرأته ، إما لأن بينته تترجح بإقرارها له كما بينا في جانب الزوج ، أو لأن البينتين لما تعارضتا وتعذر العمل بهما بقي تصادق أحد الزوجين مع المرأة على النكاح فيثبت النكاح بينهما بتصادقهما ، كذا في النهاية .
وأنت تعلم أن هذه بمنزلة الشرح لما في الكتاب ، وأنه يظهر منه أن قول nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري : فإن ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة وأقاما بينة لم يقض بواحدة من البينتين فيما إذا لم تكن المرأة في بيت أحدهما ولم يكن أحدهما دخل بها . واعلم أن هذا كله إذا كان التنازع حال حياة المرأة ، وأما إذا كان بعد وفاتها فهو على وجوه ولا يعتبر فيه الإقرار واليد ، فإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضى بالنكاح والميراث له ، ويجب عليه تمام المهر ، وإن لم يؤرخا أو أرخا على السواء فإنه يقضى بالنكاح بينهما ويجب على كل واحد من الزوجين نصف المهر ويرثان منها ميراث زوج واحد . فرق بين الدعوى حالة الحياة وبين الدعوى بعد الوفاة .
والفرق أن المقصود في حال الحياة هي المرأة وهي لا تصلح للشركة بينهما ، والمقصود بعد الوفاة هو الميراث وهو مال يقبل الشركة ، فإن جاءت بولد يثبت النسب من الأبوين ويرث الابن من كل واحد منهما ميراث ابن كامل لأن البنوة لا تتجزأ . كذا في غاية البيان نقلا عن الفصول ، وفي الفصول نقلا عن المحيط ( ولو تفرد أحدهما بالدعوى ) يعني أن الذي ذكر من قبل فيما إذا ادعيا معا ، ولو تفرد أحدهما بالدعوى ( والمرأة تجحد فأقام البينة وقضى بها القاضي له ثم ادعى آخر وأقام البينة على مثل ذلك لا يحكم بذلك ) أي بما ادعاه الثاني ( لأن القضاء الأول قد صح فلا ينقض بما هو مثله بل هو دونه ) أي لا ينقض القضاء بالبينة الثانية التي هي مثل الأولى ، بل دونها لأن الأولى تأكدت بالقضاء ، وهذا لأن في الظنيات لا ينقض المثل بالمثل ولهذا لا يهدم الرأي بالرأي ، كذا في غاية البيان ( إلا أن يؤقت شهود الثاني سابقا ) أي وقتا سابقا فإنه يقضي حينئذ بما ادعاه الثاني ( لأنه ظهر الخطأ الأول بيقين ) حيث ظهر أنه تزوج منكوحة الغير . أقول : في قول المصنف بيقين تسامح . لأن البينات من الظنيات لا من اليقينيات على ما صرحوا به ، ولعل صاحب الكافي تنبه له حيث ترك لفظة بيقين في تحريره ( وكذا إذا كانت المرأة في يد الزوج ونكاحه ظاهر لا تقبل بينة الخارج إلا على وجه السبق ) قد مر بيان هذه المسألة على الوجه الأتم فيما ذكرنا من قبل نقلا عن المبسوط