( وأربع قبل الظهر ، وبعدها ركعتان ، وأربع قبل العصر ، وإن شاء ركعتين وركعتان بعد المغرب ، وأربع قبل العشاء ، وأربع بعدها ، وإن شاء ركعتين ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=82397من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة } وفسر على نحو ما ذكر في الكتاب ، [ ص: 442 ] غير أنه لم يذكر الأربع قبل العصر فلهذا سماه في الأصل حسنا وخير لاختلاف الآثار ، والأفضل هو الأربع ولم يذكر الأربع قبل العشاء فلهذا كان مستحبا لعدم المواظبة ، وذكر فيه ركعتين بعد العشاء ، وفي غيره ذكر الأربع فلهذا خير ، [ ص: 443 ] إلا أن الأربع أفضل خصوصا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله على ما عرف من مذهبه ، والأربع قبل الظهر بتسليمة واحدة [ ص: 444 ] عندنا ، كذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي
( قوله والأصل فيه ) أي في استنان هذه المذكورات قوله صلى الله عليه وسلم إلخ .
وفي شذوذ من النسخ وفسر النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الترمذي : حديث غريب من هذا الوجه مغيرة بن زياد تكلم فيه [ ص: 442 ] بعض أهل العلم من قبل حفظه انتهى .
رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ثم اختلف أهل هذا العصر في أنها تعتبر غير ركعتي الراتبة أو بهما وعلى التقدير الثاني هل تؤدى معهما بتسليمة واحدة أو لا ؟ فقال جماعة لا لأنه إن نوى عند التحريمة السنة لم يصدق في الشفع الثاني ، أو المستحب لم يصدق في السنة ، وإذا قالوا : إذا طلع الفجر وهو في التهجد نابت تلك الركعتان عن سنة الفجر لأن نية الصلاة نية الأعم ، والأعم يصدق على الأخص ، بخلاف المباين بالنسبة إلى مباينه ، ووقع عندي أنه إذا صلى أربعا بعد الظهر بتسليمة أو ثنتين وقع عن السنة والمندوب سواء احتسب هو الراتبة منها أو لا، لأن المفاد بالحديث المذكور أنه إذا أوقع بعد الظهر أربعا مطلقا حصل الوعد المذكور ، وذلك صادق مع كون الراتبة منها ، وكونها بتسليمة أولا فيهما وكون الركعتين ليستا بتسليمة على حدة لا يمنع من وقوعها سنة ، وإن كان عدم كونها بتحريمة مستقلة يمنع منه على خلاف فيه كما عرف في سجود السهو من الهداية فيمن قام عن القعدة الأخيرة يظنها الأولى ، ثم لم يعد حتى سجد فإنه يتم ستا ، ولا تنوب الركعتان عن سنة الظهر على خلاف لأن المواظبة عليهما بتحريمة مبتدأة لثبوت الفرق بين المحلل والتحريمة ، فإن المحلل غير مقصود إلا للخروج عن العبادة على وجه حسن .
وقد منع في الهداية في باب القران ترجيح nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الإفراد بزيادة الحلق بأنه خروج عن العبادة فهو غير مقصود فلا يقع به الترجيح .
وأما النية فلا مانع من جهتها سواء نوى أربعا لله [ ص: 444 ] تعالى فقط أو نوى المندوب بالأربع أو السنة بها أما الأول فلما تقدم في شروط الصلاة من أن المختار عند المصنف والمحققين وقوع السنة بنية مطلق الصلاة لما حققناه من أن معنى كونه سنة كونه مفعولا للنبي صلى الله عليه وسلم على المواظبة في محل مخصوص ، وهذا الاسم : أعني اسم السنة حادث منا ، أما هو صلى الله عليه وسلم فإنما كان ينوي الصلاة لله تعالى فقط لا السنة ، فلما واظب صلى الله عليه وسلم على الفعل لذلك سميناه سنة ، فمن فعل مثل ذلك الفعل في وقته فقد فعل ما سمي بلفظ السنة ، وحينئذ تقع الأوليان سنة لوجود تمام علتها والأخريان نفلا مندوبا ، فلهذا القسم من النية ما يحصل به كلا الأمرين ، والعجب منه كيف تركه من تقسيمه .
وإذا اعترف بأن نية الصلاة الأعم تتأدى بها السنة كما صرح به في الشاهد الذي أورده من ركعتي الفجر بنية الصلاة فما المانع من أن ينوي هنا أيضا الصلاة وبها يتأدى السنة والمندوب .
وأما الثاني والثالث فكذلك بناء على أن ذلك نية الصلاة وزيادة فعند عدم مطابقة الوصف للواقع يلغو فتبقى نية مطلق الصلاة على نحو ما عرف من أن بطلان الوصف لا يبطل الأصل ، وبنية مطلق الصلاة يتأدى كل من السنة والمندوب إذا وقع في وقته فظهر أن صحته ليست بناء على أداء البائن بنية مباينة بل بمطلق النية للغو الزائد المخالف ، وما ذكره ذلك القائل من حديث ركعتي الفجر بنية التهجد دليل على خلاف مقصوده لأن التهجد مندوب كما يشهد كثير من السنة بندب الأمة إليه .
وقد تؤدى به سنة الفجر على إطلاق الجواب أعم من كونه نوى مجرد الصلاة أو المندوبة ، وإنما لم نقل أنه سنة لأنها ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم من غير افتراض ، والتهجد عند مشايخنا كان فرضا عليه فهو مواظبة على فرض .
ثم رأينا في لفظ الهداية ما يدل على ما قلنا وهو : قولة فلهذا خير ، إلا أن الأربع أفضل خصوصا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فإن معناه أن الأربع بعد العشاء أفضل من ركعتين بعدها ، خصوصا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فإنه يرى أن الأفضل في النوافل مطلقا أربع أربع بتسليمة ، فإذا جعل المصلي ما بعد العشاء أربعا أداها بتسليمة واحدة فتثبت الأفضلية عنده من وجهين . من جهة زيادة عدد الركعات ، ومن جهة وقوع السلام على رأس أربع لا ثنتين ، وإلا لم يكن لقوله خصوصا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة معنى لأن الأربع أفضل من ركعتين بالإجماع ، بل كلام الكل في هذا المقام يفيد ما قلنا إذ لا شك في أن الراتبة بعد العشاء ركعتان والأربع أفضل .
والاتفاق على أنها تؤدى بتسليمة واحدة عنده من غير أن يضم إليها الراتبة فيصلي ستا ، فالنية حينئذ عند التحريمة إما أن تكون بنية السنة أو المندوب إلى آخر ما ذكره ، وقد أهدر ذلك وأجزأت عن السنة . واعلم أنه ندب إلى ست بعد المغرب لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=82406من صلى بعد المغرب ست ركعات كتب من الأوابين ، وتلا قوله تعالى { إنه كان للأوابين غفورا } } والحال فيها كالحال لهذه الأربع ، فلو احتسب الراتبة منها انتهض سببا للموعود ( قوله كذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن كثير في كتابه ممن لم يسلم من غوائل الجرح وكذا في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري جماعة تكلم فيهم فدار الأمر في الرواة على اجتهاد العلماء فيهم ، وكذا في الشروط حتى أن من اعتبر شرطا أو ألغاه آخر يكون ما رواه الآخر مما ليس فيه ذلك الشرط عنده مكافئا لمعارضة المشتمل على ذلك الشرط ، وكذا فيمن ضعف راويا ووثقه الآخر .
نعم تسكن نفس غير المجتهد ومن لم يخبر أمر الراوي بنفسه إلى ما اجتمع عليه الأكثر ، أما المجتهد في اعتبار الشرط وعدمه والذي خبر الراوي فلا يرجع إلا إلى رأي نفسه ، وإذ قد صح حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عندنا عارض ما صح في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ثم يترجح هو بأن عمل أكابر الصحابة كان على وفقه كأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر حتى نهى إبراهيم النخعي عنهما فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عن nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان عنه أنه نهى عنهما وقال : [ ص: 446 ] { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما لم يكونوا يصلونهما } ، بل لو كان حسنا كما ادعاه بعضهم ترجح على ذلك الصحيح بهذا ، فإن وصف الحسن والصحيح والضعيف إنما هو باعتبار السند ظنا ، أما في الواقع فيجوز غلط الصحيح وصحة الضعيف .
وعن هذا جاز في الحسن أن يرتفع إلى الصحة إذا كثرت طرقه ، والضعيف يصير حجة بذلك لأن تعدده قرينة على ثبوته في نفس الأمر فلم لا يجوز في الصحيح السند أن يضعف بالقرينة الدالة على ضعفه في نفس الأمر ، والحسن أن يرتفع إلى الصحة بقرينة أخرى كما قلنا من عمل أكابر الصحابة على وفق ما قلناه وتركهم لمقتضى ذلك الحديث ، وكذا أكثر السلف ، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك نجم الحديث .
وما زاده nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان على ما في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما لا يعارض ما أرسله النخعي من أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلهما لجواز كون ما صلاه قضاء عن شيء فاته وهو الثابت .
وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بنفيه عن الصحابة أيضا ، وما قيل المثبت أولى من النافي فيترجح حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس على حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ليس بشيء ، فإن الحق عند المحققين أن النفي إذا كان من جنس ما يعرف بدليله كان كالإثبات فيعارضه ولا يقدم هو عليه وذلك لأن تقديم رواية الإثبات على رواية النفي ليس إلا لأن مع راويه زيادة علم ، بخلاف النفي إذ قد يبنى رواية الأمر على ظاهر الحال من العدم لما يعلم باطنا ، فإذا كان النفي من جنس ما يعرف تعارضا لابتناء كل منهما حينئذ على الدليل وإلا فنفس كون مفهوم المروي مثبتا لا يقتضي التقديم ، إذ قد يكون المطلوب في الشرع العدم كما قد يكون المطلوب في الشرع الإثبات ، وتمام تحقيقه في أصول أصحابنا ، وحينئذ لا شك أن هذا النفي كذلك ، فإنه لو كان الحال على ما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس لم يخف على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بل ولا على أحد ممن يواظب الفرائض خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل ولا على من لم يواظب بل يحضرها خلفه أحيانا ، ثم الثابت بعد هذا هو نفي المندوبية ، أما ثبوت الكراهة فلا إلا أن يدل دليل آخر ، وما ذكر من استلزام تأخير المغرب فقد قدمنا من القنية استثناء القليل والركعتان لا تزيد على القليل إذا تجوز فيهما