( ولو قال له رجل : لي عليك ألف فقال اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار ) [ ص: 337 ] لأن الهاء في الأول والثاني كناية عن المذكور في الدعوى ، فكأنه قال : اتزن الألف التي لك علي ، حتى لو لم يذكر حرف الكناية لا يكون إقرارا لعدم انصرافه إلى المذكور ، والتأجيل إنما يكون في حق واجب ، والقضاء يتلو الوجوب ودعوى الإبراء كالقضاء لما بينا ، وكذا دعوى الصدقة والهبة لأن التمليك يقتضي سابقة الوجوب ، وكذا لو قال أحلتك بها على فلان [ ص: 338 ] لأنه تحويل الدين .
( ولو قال له رجل لي عليك ألف فقال اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار ) هذا كله لفظ nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري في مختصره [ ص: 337 ] يعني أن ما ذكره المجيب في هذه الصور كلها يكون إقرارا بالمدعى ; لأن ما خرج جوابا إذا لم يكن كلاما مستقلا كان راجعا إلى المذكور أولا فكأنه أعاده بصريح لفظه ، فلما قرن كلامه في الأول والثاني بالكناية رجع إلى المذكور في الدعوى وإليه أشار المصنف بقوله ( لأن الهاء في الأول والثاني ) أي في قوله اتزنها وفي قوله انتقدها ( كناية عن المذكور في الدعوى فكأنه قال ) في الأول ( اتزن الألف التي لك علي ) وفي الثاني انتقد الألف التي لك علي فصار كما لو أجاب بنعم لكونه غير مستقل بنفسه وقد أخرجه مخرج الجواب ( حتى لو لم يذكر حرف الكتابة ) يعني الهاء ( لا يكون ) كلامه ( إقرارا ) بالمدعى ( لعدم انصرافه ) أي لعدم انصراف كلامه ( إلى المذكور ) أي إلى المذكور في الدعوى لكونه مستقلا بنفسه ، فكأنه قال : اقعد وزانا للناس أو نقادا لهم دراهمهم واكتب المال ولا تؤذني بالدعوى الباطلة ( والتأجيل إنما يكون في حق واجب ) هذا إشارة إلى تعليل كون قوله أجلني بها إقرارا ، يعني أن التأجيل إنما يكون في حق واجب لأنه للترفيه فاقتضى ذلك أن يكون طلب التأجيل إقرارا بحق واجب ( والقضاء يتلو الوجوب ) أي يتبع الوجوب هذا إشارة إلى تعليل كون قوله قد قضيتكها إقرارا : يعني أن القضاء يقضي سبق الوجوب لأنه تسليم مثل الواجب فلا يتصور بدونه ، فلما ادعى قضاء الألف صار مقرا بوجوبها ( ودعوى الإبراء ) بأن قال أبرأتني منها ( كالقضاء ) أي كدعوى القضاء ( لما بينا ) أشار به إلى قوله والقضاء يتلو الوجوب : يعني أن الإبراء أيضا يتلو الوجوب لأن الإبراء إسقاط ، وهذا إنما يكون في مال واجب عليه ، كذا في الكافي .
أقول : هاهنا إشكال ، وهو أنه قد أطبقت كلمة الفقهاء في كتاب الإقرار على أن قول المدعى عليه بالألف للمدعي : قد قضيتكها أو أبرأتني منها إقرار بوجوب الألف عليه . وقالوا في تعليل هذا : إن القضاء يتلو الوجوب ، وكذا الإبراء يتلوه . وقد صرحوا في كتاب الدعوى في أكثر المعتبرات وفي مسائل شتى من كتاب القضاء في الهداية والوقاية بأن المدعى عليه بالألف لو قال للمدعي : ليس لك علي شيء قط أو ما كان لك علي شيء قط ثم ادعى قضاء تلك الألف للمدعي ، أو ادعى إبراء المدعي إياه من تلك الألف وأقام بينة على ذلك سمعت دعواه وقبلت بينته عند أصحابنا سوى nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر ، وقالوا في تعليل ذلك : إن التوفيق ممكن لأن غير الحق قد يقضى ويبرأ منه دفعا للخصومة ، حتى قال المصنف هناك : ألا ترى أنه يقال قضى بباطل وقد يصالح على شيء فيثبت ثم يقضي ، ولم يعتبروا قول nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر هناك القضاء يتلو الوجوب ، وكذا الإبراء ، وقد أنكره فيكون مناقضا فكان بين كلاميهم المقررين في المقامين تدافع لا يخفى فتدبر
( وكذا دعوى الصدقة والهبة ) يعني لو قال : تصدقت بها علي أو وهبتها لي كان ذلك أيضا إقرارا منه ( لأن التمليك يقتضي سابقة الوجوب ) يعني أن الصدقة والهبة من قبيل التمليك ، فدعوى الصدقة والهبة دعوى التمليك منه وذا لا يكون إلا بعد وجوب المال في ذمته كما لا يخفى ( وكذا لو قال : أحلتك بها على فلان ) أي كان هذا القول منه أيضا [ ص: 338 ] إقرارا ( لأنه تحويل الدين ) من ذمة إلى ذمة ، وذا لا يكون بدون الوجوب ، وكذا لو قال : والله لا أقضيكها اليوم أو لا أتزنها لك اليوم لأنه نفى القضاء والوزن في وقت بعينه ، وذلك لا يكون إلا بعد وجوب أصل المال عليه ، فأما إذا لم يكن أصل المال واجبا عليه فالقضاء يكون منتفيا أبدا فلا يحتاج إلى تأكيد نفي القضاء باليمين لأنه في نفسه منتف ، كذا في المبسوط . ولو قيل له هل عليك لفلان كذا فأومأ برأسه بنعم لا يكون إقرارا ; لأن الإشارة من الأخرس قائمة مقام الكلام لا من غيره ، كذا في الكافي وغيره .