[ ص: 42 ] ثم للرجوع موانع ذكر بعضها فقال ( إلا أن يعوضه عنها ) لحصول المقصود ( أو تزيد زيادة متصلة ) ; لأنه لا وجه إلى الرجوع فيها دون الزيادة ; لعدم الإمكان ولا مع الزيادة ; لعدم دخولها تحت العقد . [ ص: 43 ] قال : ( أو يموت أحد المتعاقدين ) ; لأن بموت الموهوب له ينتقل الملك إلى الورثة فصار كما إذا انتقل في حال حياته ، وإذا مات الواهب فوارثه أجنبي عن العقد إذ هو ما أوجبه . قال ( أو تخرج الهبة عن ملك الموهوب له ) ; لأنه حصل بتسليطه فلا ينقضه ، ولأنه تجدد الملك بتجدد سببه .
( قوله : أو تزيد زيادة متصلة ) قال صاحب العناية : ولا بد من قيد آخر وهو أن يقال تورث زيادة في قيمة الموهوب . ا هـ . أقول : بل من ذلك القيد الآخر بد بقوله أو تزيد زيادة متصلة ; لأن ما لا يورث زيادة في قيمة الموهوب نقصان في الحقيقة ، وإن كان في صورة الزيادة كما صرحوا به قاطبة حتى صاحب العناية نفسه حيث قال فيما بعد وأما اشتراط كونها مؤثرة في زيادة القيمة ، فلأنها لو لم تكن كذلك عادت نقصانا ، فرب زيادة صورة كانت نقصانا في المعنى كالإصبع الزائدة مثلا . ا هـ .
والظاهر أن الاعتبار للمعنى دون الصورة فلا احتياج إلى قيد زائد ، ولقد أحسن صاحب [ ص: 43 ] النهاية في البيان هاهنا حيث قال : ثم اعلم أن المراد من الزيادة المتصلة هو الزيادة في نفس الموهوب بشيء يورث زيادة في قيمة الموهوب كالسمن والجمال . أما لو زاد الموهوب في نفسه لكن لا تورث تلك الزيادة زيادة في قيمته فهو ليس بزيادة حقيقة فلا تمنع الرجوع فإنه قد يكون الشيء زيادة صورة نقصانا معنى كالإصبع الزائدة ، وما أشبه ذلك وقال : هكذا كله في الذخيرة . ثم أقول : بقي هاهنا شيء ، وهو أنهم صرحوا بأن الزيادة الصورية التي لا تورث زيادة في القيمة كالزيادة الحاصلة بطول القامة وبالأصبع الزائدة لا تمنع الرجوع ، مع أن الدليل الذي ذكروا لمنع الزيادة المتصلة الرجوع ، وهو أنه لا وجه للرجوع فيها دون الزيادة مدى الإمكان ، ولا مع الزيادة ; لعدم دخولها تحت العقد جار بعينه في تلك الصورة أيضا فليتأمل في التوجيه .