قال : ( ولا الاستئجار على الأذان والحج ، وكذا الإمامة وتعليم القرآن والفقه ) والأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليه عندنا . وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله يصح في كل ما لا يتعين على الأجير ; لأنه استئجار على عمل معلوم غير متعين عليه فيجوز . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام [ ص: 98 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=67424اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به } وفي آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص { nindex.php?page=hadith&LINKID=67444وإن اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الأذان أجرا } ولأن القربة متى حصلت وقعت عن العامل ولهذا تعتبر أهليته فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة ، ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه إلا بمعنى من قبل المتعلم فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح . وبعض مشايخنا استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم ; لأنه ظهر التواني في الأمور الدينية . ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن وعليه الفتوى .
( قوله : لأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه إلا بمعنى من قبل المتعلم فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح ) أقول : فيه بحث ; لأنه إن أريد أن المعلم لا يستقل في التعليم بشيء أصلا فهو ممنوع ، فإن التلقين والإلقاء فعل المعلم وحده لا مدخل فيه للمتعلم ، وإنما وظيفته الأخذ والفهم ، وإن أريد أن للمتعلم أيضا مدخلا في ظهور أثر التعليم وفائدته فإن المتعلم ما لم يأخذ ما ألقاه المعلم ولم يفهم ما لقنه لم يظهر لتعليمه أثر وفائدة فهو مسلم ، ولكن الذي يلتزمه المعلم إنما هو فعل نفسه مما يقدر عليه لا فعل الآخر ، ولا مانع من أخذ الأجرة على فعل نفسه كما لا يخفى . فإن قلت : التعليم والتعلم متحدان بالذات ، ومختلفان بالاعتبار على ما ذكر في بعض الكتب ، فيئول أخذ الأجرة على التعليم إلى أخذها على التعلم الذي هو فعل الغير . قلت : اتحاد التعليم والتعلم بالذات أمر غير واضح بل غير مسلم ، ولو سلم كفي التغاير الاعتباري لنا إذ لا شك في اختلاف التعليم والتعلم في كثير من الأحكام فليكن في أخذه الأجرة عليه كذلك فتأمل ( قوله : وبعض مشايخنا : استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم ; لأنه ظهر التواني في الأمور الدينية ، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن وعليه الفتوى ) أقول : فيما ذهب إليه هؤلاء المشايخ إشكال ، وهو أن مقتضى الدليل الثاني والدليل الثالث المارين آنفا أن لا يمكن تحقق ماهية الإجارة ، وهي تمليك المنافع بعوض [ ص: 99 ] في الاستئجار على تعليم القرآن ونظائره بناء على عدم القدرة على تسليم ما التزمه المؤجر من المنفعة ، فكيف يصح استحسان الاستئجار في هاتيك الصور ، وصحة استحسانه فرع إمكان تحقق ماهية الإجارة كما لا يخفى فليتأمل في دفع هذا الإشكال القوي لعله مما تسكب فيه العبرات إلا أن لا يسلم صحة ذينك الدليلين .