( باب الاختلاف في الإجارة ) لما فرغ من بيان أحكام اتفاق المتعاقدين ، وهو الأصل ذكر في هذا الباب أحكام اختلافها ، وهو الفرع ، إذ الاختلاف إنما يكون بعارض ( قوله : وإذا حلف فالخياط ضامن ، ومعناه ما مر من قبل أنه بالخيار ) يعني به ما مر قبل باب الإجارة الفاسدة في مسألة : ومن دفع إلى الخياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء ، كذا في الشروح . واعترض بأن المتعاقدين كانا هناك متفقين على أن المأمور به خياطة القميص والأجير خالف فخاط قباء ، وهاهنا قد اختلفا في أصل المأمور به فعند اختلاف المسألتين كيف يتحد الجواب ؟ وأجيب بأنه اختلفت صورتا المسألتين ابتداء ولكن اتحدتا انتهاء ; لأنه ذكر هذا الحكم هنا بعد حلف صاحب الثوب ، ولما حلف كان القول قوله فلم يبق لخلاف الآخر اعتبار فكانتا في الحكم في الانتهاء سواء ، هذا خلاصة ما في النهاية [ ص: 143 ] والعناية .
وقصد بعض الفضلاء أن يجيب عن هذا الاعتراض المذكور بوجه آخر فقال : ولك أن تقول إذا كان الحكم ذلك إذا اتفقا فبالطريق الأولى إذا اختلفا مع أن التشبيه غير القياس انتهى . أقول : ليس ذاك بسديد . أما أولا فلأنهما إذا اتفقا على مخالفة المأمور به كان التعدي مقررا عندهما فيجب الضمان قطعا . وأما إذا اختلفا في المخالفة فلا تعدي على زعم الأجير ففي وجوب الضمان عليه نوع خفاء . فكيف يصح أن يقال : إذا كان الحكم ذلك : أي الضمان إذا اتفقا فبالطريق الأولى إذا اختلفا . وأما ثانيا فلأن مورد الاعتراض هو قول المصنف ، ومعناه ما مر من قبل . والمفهوم منه هو الاتحاد في الحكم لا التشبيه ، فما معنى قوله مع أن التشبيه غير القياس فهلا هو لغو هنا .