ثم إن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة ، وإن ماتت هي وتركت مالا تؤدى منه مكاتبتها وما بقي ميراث لابنها جريا على موجب الكتابة ، وإن لم تترك مالا فلا سعاية [ ص: 186 ] على الولد لأنه حر ، ولو ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا أن يدعي لحرمة وطئها عليه ، فلو لم يدع وماتت من غير وفاء سعى هذا الولد لأنه مكاتب تبعا لها ، فلو مات المولى بعد ذلك عتق وبطل عنه السعاية لأنه بمنزلة أم الولد إذ هو ولدها فيتبعها .
( فصل )
مسائل هذا الفصل نوع آخر من جنس مسائل الفصل الأول ، ففصلها بفصل ووصلها بالذكر ، كذا في الشروح [ ص: 185 ] قوله ثم إن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة ) .
قال تاج الشريعة ، فإن قلت : ينبغي أن لا يسقط لأن الأكساب تسلم لها وكذا أولادها التي اشتراها بعد للكتابة وهذا آية بقاء الكتابة . قلت : الكتابة تشبه المعاوضة ، وبالنظر إلى ذلك لا يسقط البدل وتشبه الشرط ، وبالنظر إليه يسقط ، ألا يرى أنه لو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طلقها ثلاثا يبطل التعليق فلما عتقت بالاستيلاد بطلت جهة الكتابة فعملنا بالشبهين وقلنا بسلامة الأكساب عملا بجهة المعاوضة ، وقلنا بسقوط بدل الكتابة عملا بجهة الشرط ، انتهى كلامه .
وقد اقتفى أثره صاحب العناية والشارح العيني في هذا السؤال والجواب . أقول : في الجواب نظر . أما أولا فلأنه قد تقرر فيما مر مرارا أن العمل بالشبهين إنما يتصور فيما يمكن الجمع بين الجهتين ، وهاهنا ليس كذلك لأن جهة كون الكتابة معاوضة تستلزم عدم سقوط البدل ، وجهة كونها شرطا تستلزم سقوطه ، وهما : أي السقوط وعدمه متنافيان قطعا لا يمكن اجتماعهما في محل واحد في حالة واحدة ، وتنافي اللازمين يوجب تنافي الملزومين فلا يمكن اجتماعهما كذلك .
وأما ثانيا فلأن العمل بالشبهين لو تصور هاهنا فإنما يتصور عند ثبوت الكتابة لأنها هي المشابه لكل من المعاوضة والشرط ، لا عند بطلانها لأنه ينتفي حينئذ محل المشابهة بالكلية ، فما معنى قول هؤلاء الشراح : فلما عتقت بالاستيلاد بطلت جهة الكتابة فعملنا بالشبهين .
وقلنا بسلامة الأكساب عملا بشبه المعاوضة ، وقلنا بسقوط الكتابة عملا بشبه الشرط . ثم أقول : الحق [ ص: 186 ] في الجواب عن ذلك السؤال ما أشار إليه المصنف في المسألة الآتية بقوله غير أنه تسلم لها الأكساب والأولاد ، لأن الكتابة انفسخت في حق البدل وبقيت في حق الأكساب والأولاد ، لأن الفسخ لنظرها والنظر فيما ذكرناه انتهى تأمل