. قال ( وإذا تقدم الشفيع إلى القاضي فادعى الشراء وطلب الشفعة سأل القاضي المدعى عليه ، فإن اعترف بملكه الذي يشفع به وإلا كلفه بإقامة البينة ) ; لأن اليد ظاهر محتمل فلا تكفي لإثبات الاستحقاق . قال رحمه الله : يسأل القاضي المدعي قبل أن يقبل على المدعى عليه عن موضع الدار وحدودها ; لأنه ادعى حقا فيها فصار [ ص: 386 ] كما إذا ادعى رقبتها ، وإذا بين ذلك يسأله عن سبب شفعته لاختلاف أسبابها ، فإن قال : أنا شفيعها بدار لي تلاصقها الآن تم دعواه على ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14224الخصاف . وذكر في الفتاوى تحديد هذه الدار التي يشفع بها أيضا ، وقد بيناه في الكتاب الموسوم بالتجنيس والمزيد . قال ( فإن عجز عن البينة استحلف المشتري بالله ما يعلم أنه مالك للذي ذكره مما يشفع به ) معناه بطلب الشفيع ; لأنه ادعى عليه معنى لو أقر به لزمه ، ثم هو استحلاف على ما في يده فيحلف على العلم ( فإن نكل أو قامت للشفيع بينة ثبت ملكه في الدار التي يشفع بها وثبت الجوار فبعد ذلك سأله القاضي ) يعني المدعى عليه ( هل ابتاع أم لا ، فإن أنكر الابتياع قيل للشفيع أقم البينة ) ; لأن الشفعة لا تجب إلا بعد ثبوت البيع وثبوته بالحجة . قال ( فإن عجز عنها استحلف المشتري بالله ما ابتاع أو بالله ما استحق عليه في هذه الدار شفعة من الوجه الذي ذكره ) فهذا على الحاصل ، والأول على السبب وقد استوفينا الكلام فيه [ ص: 387 ] في الدعوى ، وذكرنا الاختلاف بتوفيق الله ، وإنما يحلفه على البتات ; لأنه استحلاف فعل نفسه وعلى ما في يده أصالة ، وفي مثله يحلف على البتات . .
( قوله وإذا بين ذلك يسأله عن سبب شفعته لاختلاف أسبابها ، فإن قال أنا شفيعها بدار لي تلاصقها تم دعواه ) قال صاحب العناية : قيل لم يتم بعد ، بل لا بد أن يسأله ويقول هل قبض المشتري المبيع أو لا ; لأنه لو لم يقبض لم تصح الدعوى على المشتري ما لم يحضر البائع ، ثم يسأله عن السبب ثم يقول له متى أخبرت بالشراء ليعلم أن المدة طالت أو لا ، فإن عند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله إذا تطاولت ، فالقاضي لا يلتفت إلى دعواه وعليه الفتوى .
وقال : وهذا لا يلزم المصنف ; لأنه ذكر أن الفتوى على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في عدم البطلان بالتأخير . ثم قال : وقيل ثم بعد ذلك سأله عن طلب الإشهاد ، فإذا قال طلبت حين علمت إذ أخبرت عن غير لبث سأله عن طلب الاستقرار [ ص: 387 ] فإن قال طلبته من غير تأخير سأله عن المطلوب بحضرته هل كان أقرب إليه من غيره . فإن قال نعم فقد صحح دعواه ا هـ .
أقول : القائل صاحب النهاية أخذا من الذخيرة ، وتبعه بعض آخر من الشراح ، وقد غير صاحب العناية عبارتهم في النقل وأفسد . فإن عبارتهم كانت هكذا : ثم إذا سأله عن طلب المواثبة فقال طلبت حين علمت أو قال حين أخبرت من غير لبث سأله عن طلب الإشهاد هل طلب الإشهاد بعد ذلك من غير تأخير وتقصير ، فإن قال نعم سأله إن الذي طلبت بحضرته هل كان أقرب إليه من غيره ، فإن قال نعم تبين أن الإشهاد قد صح ، ثم إذا تبين ما يصح عنده الطلب فقد صحح دعواه ، إلى هنا عبارتهم .
وهذه العبارة هي المطابقة لما في الذخيرة ، وهي الصحيحة دون ما ذكره صاحب العناية في نقله ; لأنه عبر عن طلب المواثبة بطلب الإشهاد حيث قال : وقيل ثم بعد ذلك سأله عن طلب الاستقرار ، ولا يذهب عليك أن إطلاق طلب الإشهاد على طلب المواثبة يخالف اصطلاح الفقهاء جدا ، يظهر ذلك مما أحطت به خيرا في أقسام الطلب . وأيضا قد قيل فيما قبل سأله متى أخبرت [ ص: 388 ] بالشراء وكيف صنعت حين أخبرت بالشراء ، وقد نقله صاحب العناية أيضا فيما قبل ، فعلى تقدير أن يقال هاهنا ثم بعد ذلك سأله عن طلب الإشهاد ومراده طلب المواثبة يصير المعنى : ثم بعد السؤال عن طلب المواثبة سأله عن طلب المواثبة ; لأن سؤاله قبله بكيف صنعت حين أخبرت سؤال عن طلب المواثبة لا محالة فيلزم تكرار السؤال عن طلب المواثبة . بخلاف ما إذا قيل ثم إذا سأله عن طلب المواثبة سأله عن طلب الإشهاد كما وقع في عبارتهم ، فإنه لا يلزم حينئذ شيء من المحذورين المذكورين ، أما عدم المخالفة لاصطلاح الفقهاء فظاهر ، وأما عدم لزوم تكرار السؤال عن طلب المواثبة فإن الكلام إذ ذاك ملقى [ ص: 389 ] في صورة الشرطية فقدمها ، وهو قولهم إذا سأله عن طلب المواثبة إشارة إلى ما ذكروا فيما قبل السؤال بكيف صنعت حين أخبرت وليس فيه حكم جديد حتى يلزم التكرار تأمل تفهم