وليس من شرط السجود أن يسلم ومن قصده السجود ، بل لو سلم ذاكرا للسهو من عزمه أن لا يسجد كان عليه أن يسجد ولا يبطل سجوده ، كمن شرع في الصلاة ومن عزمه أن يفسدها لا تفسد إلا بتحقيق ذلك القصد بالفعل ونيته لغو ( قوله ثم يتشهد ) إشارة إلى أن السهو يرفع التشهد .
وأما رفع القعدة فلا بخلاف السجدة الصلبية وسجدة التلاوة إذا تذكرهما أو إحداهما في القعدة فسجدة فإنهما يرفعان القعدة حتى يفترض القعود بعدهما لأن محلهما قبلها . وعلى هذا لو سلم بمجرد رفعه من سجدة السهو يكون تاركا للواجب فلا تفسد بخلاف ما إذا لم يقعد بعد تينك السجدتين حيث تفسد بترك الفرض ، وهذا في سجدة التلاوة على إحدى الروايتين وهو المختار .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=32920لكل سهو سجدتان بعد السلام } فرواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش من حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان أنه صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=32920لكل سهو سجدتان بعد السلام } قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي انفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش وليس بالقوي ، ونحن نمنع ذلك مطلقا بل الحق في nindex.php?page=showalam&ids=11948ابن عياش توثيقه مطلقا كما هو عن أشد الناس مقالة في الرجال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ، قال عباس عن يحيى [ ص: 499 ] ابن معين ثقة ، وتوهينه عن nindex.php?page=showalam&ids=11816أبي إسحاق الفزاري لا يقبل ، وناهيك بأبي زرعة ، وقال : لم يكن بالشام بعد الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز أحفظ من nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش ، وغاية ما عن ابن معين فيه قوله عن الشاميين حديثه صحيح وخلق عن المدنيين ، وقد استقر رأي nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل وكثير على هذا التفصيل .
وروايته لهذا الحديث عن الشاميين رواه عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي وهو الشامي الدمشقي وثقه دحيم ، وقال ابن معين ليس به بأس ، عن زهير بن سالم العنسي بالنون وهو أبو المخارق الشامي ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي أبو حميد ، ويقال أبو حمير الحمصي ، قال أبو زرعة nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ثقة ، وقال أبو حاتم صالح الحديث ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات وقال nindex.php?page=showalam&ids=16964محمد بن سعد كان ثقة وبعض الناس يستنكر حديثه ، ولم يلتفت إليه فقد روى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب وهو عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان .
( قوله فتعارضت روايتا فعله إلخ ) لما أوقع الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم عقيب استدلالهم بالفعل وكان دليلهم أقوى من جهة الثبوت مع قيام دليل عدم الخصوصية ، إذ قد شاركوه في ذلك لأنهم كانوا مقتدين به استشعر أن يقال دليلنا أرجح ثبوتا وترجيح القول على الفعل عند المساواة في القوة فقال ذاك لو سلم دليلكم من المعارض ، لكن روي أنه صلى الله عليه وسلم سجدها بعد السلام وهو يعادله ، فتعارضت روايتا فعله فبقي التمسك بقوله الأحط رتبة في الثبوت من ذلك الفعل لسلامته من المعارض لا لترجيحه بالفعل المروي ثانيا ، ولا لترجيح ذلك الفعل به ليكون ترجيحا بكثرة الرواة ، فظهر بهذا التقرير أنه إنما صير إلى ما بعد الدليلين المتعارضين لا إلى ما فوقهما فاندفع الإشكالان القائلان أن الرسم في المعارضة أن يصار إلى ما بعد المتعارضين كالسنة عند تعارض نص الكتاب ، والقياس عند تعارض السنة لا إلى ما فوقهما والقول فوق الفعل فكيف وقف الصيرورة إليه على تعارض الفعلين ، وإن كان ترجيحا فالترجيح بكثرة الرواة باطل عندنا .
فإن قيل : إذا سقط النظر إلى الفعل [ ص: 500 ] الموافق لرأينا للزوم التساقط بالتعارض يلزم كون السجود بعد السلام فإنه حينئذ مقتضى الدليل القولي فينافيه كون الخلاف في الأولوية حتى لو سجد قبل السلام عندنا يجوز .
فالجواب ما قد روي في غير رواية الأصول أنه قبل السلام لا يجوز فلا إشكال على هذه ، وعلى ما هو الظاهر فلزوم التساقط عند عدم إمكان العمل بالمتعارضين جميعا ، وهنا يمكن إذ المعنى المعقول من شرعية السجود وهو الجبر لا ينتفي بوقوعهما قبل السلام فيجوز كون الفعلين بيانا لجواز الأمرين ، وأولوية أحدهما وهو إيقاعه بعد السلام هو المراد بالقول ، ويؤكده المعنى المذكور في الكتاب وتقريره أن سجود السهو تأخر عن زمان العلة وهو وقت وقوع السهو تفاديا عن تكراره ، إذ الشرع لم يرد به فأخر ليكون جبرا لكل سهو يقع في الصلاة وما لم يسلم فتوهم السهو ثابت ، ألا ترى أنه لو سجد للسهو قبل السلام ثم شك أنه صلى ثلاثا أو أربعا فشغله ذلك حتى أخر السلام . ثم ذكر أنه صلى أربعا فإنه لو سجد بهذا النقص بتأخير الواجب تكرر ، وإن لم يسجد بقي نقصا لازما غير مجبور فاستحب أن يؤخر بعد السلام لهذا المجوز .
وهذا دليل أن الخلاف في الأولوية . وفي الخلاصة لو سجد قبل السلام لا تجب إعادتها بعد السلام فإن قلت : لم لم يحمل اختلاف الفعلين على التوزيع على مورديهما ، ومورد السجود قبل السلام كان في النقص ومورده بعده كان للزيادة على ما تقدم في الخبرين المذكورين ، وهذا التفصيل قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وهذا المأخذ مأخذه .
ولا يخفى أن بهذا الذي صرنا إليه يقع الجمع بين كل المرويات القولية والفعلية وذلك واجب ما أمكن ، بخلاف ما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
ومختار المصنف مختار شمس الأئمة وصدر الإسلام أخي فخر الإسلام . ونسب القائل بالتسليمة إلى البدعة فدفعه أخوه فخر الإسلام بأنه مشار إليه في الأصل في كتاب الصلاة فتقصينا عن عهدة البدعة . وجه مختار المصنف ما قاله من صرف السلام : يعني المذكور في حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان إلى ما هو المعهود والسلام المعهود في الصلاة تسليمتان