( قوله وينظر الرجل من الرجل إلى جميع بدنه إلا ما بين سرته إلى ركبته ) قال صاحب العناية : هذا هو القسم الثاني من أصل التقسيم . أقول : ليس الأمر كذلك ، بل هو القسم الثالث منه كما لا يشتبه على من نظر إلى تقسيمه في صدر هذا الفصل ( قوله وبهذا ثبت أن السرة ليست بعورة خلافا لما يقوله أبو عصمة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ) قال صاحب النهاية : وأبو عصمة هو سعد بن معاذ المروزي ، فإنه يقول : إن السرة [ ص: 28 ] أحد حدي العورة فتكون من العورة كالركبة . ثم قال : وقوله nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي بالعطف على أبي عصمة في إثبات أن السرة عورة عندهما كأنه وقع سهوا لوجهين : أحدهما ما ذكرنا من تعليل أبي عصمة في إثبات أن السرة عورة بقوله إنها أحد حدي العورة فتكون عورة كالركبة ، فإن هذا التعليل إنما يستقيم لمن يقول بأن الركبة عورة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لا يقول بكون الركبة عورة . والثاني أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي علل في إثبات أن الركبة ليست من العورة بقوله إنها حد للعورة فلا تكون من العورة كالسرة ; لأن الحد لا يدخل في المحدود ، وهذا تنصيص منه على أن السرة ليست بعورة ا هـ .
ورد عليه صاحب العناية حيث قال : قيل عطف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أبي عصمة غير مستقيم ; لأن هذا التعليل إنما يستقيم على قول من يقول الركبة عورة وهو لا يقول به ، وهذا ساقط ; لأن المصنف لم يعلل بهذا التعليل في هذا الكتاب ، وإنما ذكر المذهب فيجوز أن يكون مذهبهما واحدا والمأخذ متعددا ، فالمذكور يكون تعليلا لأبي عصمة ، وتعليل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي غير ذلك وهو أن السرة محل الاشتهاء انتهى .
أقول : قد ذكر صاحب النهاية لعدم استقامة العطف المزبور وجهين ، وقد نقل صاحب العناية أحد ذينك الوجهين وأجاب عنه كما ترى ، ولم يتعرض للوجه الآخر أصلا فكأنه لم يظفر بالجواب عنه فبقي الإشكال في العطف الواقع في كلام المصنف من ذلك الوجه ولا بد من دفعه . فأقول : في الجواب القاطع لعرق الإشكال : إن في السرة والركبة ثلاث روايات عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إحداها أن السرة عورة والركبة ليست بعورة كما هو مدلول كلام المصنف هاهنا وفي كتاب الصلاة أيضا . والثانية أنهما ليستا بعورة كما ذكر في وجيز الشافعية . والثالثة أنهما عورة . وذكر صاحب الغاية هاتين الأخيرتين وقال : للأولى منهما . وهذا أصح الوجهين . وإذ قد تقرر هذا فجاز أن يكون تعليل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في إثبات أن الركبة ليست من العورة بقوله إنها حد للعورة فلا تكون من العورة كالسرة مبنيا على قوله في الرواية الثانية ، وهذا لا ينافي اشتراكه مع أبي عصمة في قوله الآخر الواقع في الرواية الثالثة عنه ، بل لا ينافي أيضا اشتراكه معه في تعليله بقوله إنها أحد حدي العورة فتكون عورة كالركبة بناء على ذلك القول فلا محذور في العطف المذكور أصلا تأمل تقف .
( قوله وأبدى الحسن بن علي رضي الله عنهما سرته فقبلها nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) هذا جواب عن قول أبي عصمة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه عن ابن عون عن عمر بن إسحاق قال : كنت أمشي مع الحسن بن علي رضي الله عنهما في بعض طرق المدينة ، فلقينا nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، فقال للحسن : اكشف لي عن بطنك جعلت فداءك حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله ، قال : فكشف عن بطنه فقبل سرته . ولو كانت من العورة لما كشفها . قال الشارح العيني بعد بيان هذا المحل بهذا المنوال : وفي معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني خلاف هذا : حدثنا أبو مسلم الكشي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم عن ابن عون عن عمير بن إسحاق ، أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة لقي الحسن بن علي رضي الله عنهم فقال له : ارفع ثوبك حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ، فرفع عن [ ص: 29 ] بطنه ووضع يده على سرته انتهى .
وقال بعض المتأخرين بعدما نقل ما ذكره العيني : قلت لا مخالفة بين الروايتين لإمكان الجمع بين المس والتقبيل . ولو سلم فذلك لا يضرنا بل يثبت مدعانا بالأولوية انتهى .
أقول : كأن ذلك البعض خبط في استخراج ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في معجمه حيث حسب أن معنى قوله ووضع يده على سرته ووضع nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يده على سرة الحسن فبنى عليه عدم المخالفة بين الروايتين بإمكان الجمع بين المس والتقبيل : يعني أن وضع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يده على سرة الحسن مس لها ، وهو لا ينافي تقبيله إياها فلا مخالفة بينهما ، ثم بنى عليه أيضا كلامه التسليمي : يعني لو سلم المخالفة بينهما فما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني لا يضرنا ، بل يثبت مدعانا هاهنا وهو أن لا تكون السرة من العورة بالأولوية ، فإن عدم جواز مس العورة بوضع اليد عليها أولى من عدم جواز تقبيلها ، فإذا وضع nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يده على سرة الحسن ولم يمنعه الحسن ثبت أن السرة ليست من العورة ، لكن لا يخفى على من له أدنى تمييز أن معنى قوله ووضع يده على سرته وضع الحسن بن علي يده على سرة نفسه ، وعن هذا قال : ووضع يده ، بالواو دون فوضع يده بالفاء كما قال في الرواية الأولى فقبل سرته ، والأسلوب المقرر في الحكاية عن الاثنين إدخال الفاء عند الانتقال إلى حكاية قول الآخر أو فعله أو ترك العاطف والسلوك مسلك الاستئناف كما في قوله تعالى { قالوا سلاما قال سلام } وإذ قد كان معنى رواية nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ووضع الحسن يده على سرته كانت هذه الرواية مخالفة للرواية الأولى لعدم تيسر تقبيل سرة الحسن عند وضعه يده على سرته ، ثم إنه إن كان مقصود الحسن رضي الله عنه من وضع يده على سرته في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني التحرز عن انكشاف نفس السرة عند رفع ثوبه عن بطنه يشعر فعله المذكور بكون السرة من العورة وإن كان مقصوده منه التحرز عن انكشاف ما تحت السرة لا يدل فعله المذكور على كون نفس السرة من العورة فلم يحصل منه جزم بأحد الطرفين .