وكذا يجب على المشتري من مال الصبي ومن المرأة والمملوك وممن لا يحل له وطؤها ، وكذا إذا كانت المشتراة بكرا لم توطأ لتحقق السبب وإدارة الأحكام على الأسباب دون الحكم لبطونها فيعتبر تحقق السبب عند توهم الشغل . وكذا لا يجتزأ بالحيضة التي اشتراها في أثنائها ولا بالحيضة التي حاضتها بعد الشراء أو غيره من أسباب الملك قبل القبض ، ولا بالولادة الحاصلة بعدها قبل القبض خلافا nindex.php?page=showalam&ids=14954لأبي يوسف رحمه الله ; لأن السبب استحداث الملك واليد ، والحكم لا يسبق السبب ، وكذا لا يجتزأ بالحاصل قبل الإجازة في بيع الفضولي وإن كانت في يد المشتري ، ولا بالحاصل بعد القبض في الشراء الفاسد قبل أن يشتريها شراء صحيحا لما قلنا .
( قوله وكذا يجب على المشتري من مال الصبي ومن المرأة والمملوك وممن لا يحل له وطؤها ، وكذا إذا كانت المشتراة بكرا لم توطأ لتحقق السبب وإدارة الأحكام على الأسباب دون الحكم لخفائها ) وعن هذا قالوا : إن الحكمة تراعى في الجنس لا في كل فرد . واعترض عليه صدر الشريعة في شرح الوقاية . وأجاب حيث قال : يرد عليه أن الحكمة لا تراعى في كل فرد ولكن تراعى في الأنواع المضبوطة ، فإذا كانت الأمة بكرا أو مشتراة ممن لا يثبت نسب ولدها منه ينبغي أن لا يجب الاستبراء ; لأن عدم الشغل بالماء المحترم متيقن في هذه الأنواع ، والجواب أنه إنما يثبت بالنص لقوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس { nindex.php?page=hadith&LINKID=82507ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن ، ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة } فإن السبايا لا تخلو من أن يكون فيها بكر أو مسبية من امرأة ونحو ذلك ، ومع هذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم حكما عاما فلا يختص بالحكمة ، فإذا ثبت الحكم في السبي على العموم ثبت في سائر أسباب الملك كذلك قياسا ، فإن العلة معلومة ، ثم تأيد ذلك بالإجماع ، إلى هنا كلامه .
وأجاب صاحب الإصلاح والإيضاح عن الاعتراض المذكور بوجه آخر فقال : إن توهم الشغل ثابت في البكر وفي المشربة ممن لا يثبت نسب ولدها منه . أما في الأولى فلأن احتمال وصول الماء إلى الرحم [ ص: 45 ] قائم بدون زوال العذرة . وأما في الثانية فلما ذكر في الكافي من أن المعتبر التوهم سواء كان من المالك أو من غيره . ورد الجواب الذي ذكره صدر الشريعة : بأن الاعتراض المذكور ليس على الحكم حتى يندفع ببيان وجه ثبوته عاما . بل على الحكمة بأنها لا تصلح حكمة لعدم اطرادها بحسب الأنواع المضبوطة انتهى .
وقال بعض المتأخرين بعد نقل ذلك الرد هذا الرد مردود ; لأن مبنى الجواب المذكور على أن وجوب رعاية الحكمة في الأنواع ليعم الحكم تلك الأنواع لا لتكون الحكمة حكمة . فحاصله أن الحكم عام لتلك الأنواع هاهنا بالحديث فلا حاجة إلى ثبوت الحكمة فيها ا هـ .
أقول : ليس هذا بشيء ، فإن شرع الصانع الحكيم لا يخلو عن الحكمة والفائدة ، فمنها ما لا يتيسر وقوف البشر عليه ، ومنها ما يتيسر ذلك . ولما كان ما نحن فيه من قبيل الثاني تعرض الفقهاء قاطبة لبيان الحكمة فيه فقالوا إنها تعرف براءة الرحم صيانة للمياه المحترمة عن الاختلاط والأنساب عن الاشتباه ، وذلك عند حقيقة الشغل أو توهم الشغل بماء محترم ، وهذا لا ينافي ثبوت عموم الحكم بدليل من الأدلة الشرعية ، فإن الدليل الشرعي في كل حكم شرعي مما لا بد منه وهو غير الحكمة فيه ، ولا يدفع الحاجة إلى ثبوت الحكمة فيه ; فقوله فحاصله أن الحكم عام لتلك الأنواع هاهنا بالحديث فلا حاجة إلى ثبوت الحكمة فيها خروج عن سنن الصواب جدا ، فإن مآله الاعتراف بعدم صلاحية ما عده أساطين الفقهاء حكمة في هذه المسألة لأن يكون حكمة فيها ، وهذا مما لا يتجاسر عليه المتشرع . ثم أقول : بقي شيء آخر في جواب صدر الشريعة ، وهو أن قوله فإذا ثبت الحكم في السبي على العموم ثبت في سائر أسباب الملك كذلك قياسا ليس بتام ، فإن النص ورد في المسبية على خلاف القياس لتحقق المطلق للاستمتاع بما وهو الملك كما صرح به في العناية وغيرها ، وشرط القياس أن لا يكون حكم الأصل معدولا عن سنن القياس كما عرف في علم الأصول فأنى يتيسر إثبات الحكم في سائر أسباب الملك بطريق القياس .
فالوجه أن يقال دلالة بدل قوله قياسا . فإن الشرط المذكور منتف في الدلالة فيستقيم المعنى تبصر