قال : ( وإذا أشرع في الطريق روشنا أو ميزابا أو نحوه فسقط على إنسان فعطب فالدية على عاقلته ) لأنه سبب لتلفه [ ص: 308 ] متعد بشغله هواء الطريق ، وهذا من أسباب الضمان وهو الأصل ، وكذلك إذا سقط شيء مما ذكرنا في أول الباب ( وكذا إذا تعثر بنقضه إنسان أو عطبت به دابة ، وإن عثر بذلك رجل فوقع على آخر فماتا فالضمان على الذي أحدثه فيهما ) لأنه يصير كالدافع إياه عليه ( وإن سقط الميزاب بطرفان أصاب ما كان منه في الحائط رجلا فقتله فلا ضمان عليه ) لأنه غير متعد فيه لما أنه وضعه في ملكه ( وإن أصابه ما كان خارجا من الحائط فالضمان على الذي وضعه فيه ) لكونه متعديا فيه ، ولا ضرورة لأنه يمكنه أن يركبه في الحائط ولا كفارة عليه ، ولا يحرم عن الميراث لأنه ليس بقاتل حقيقة ( ولو أصابه الطرفان جميعا وعلم ذلك وجب نصف الدية وهدر النصف كما إذا جرحه سبع وإنسان ، ولو لم يعلم أي طرف أصابه يضمن النصف ) اعتبارا للأحوال ( ولو أشرع جناحا إلى الطريق ثم باع الدار فأصاب الجناح رجلا فقتله أو وضع خشبة في الطريق [ ص: 309 ] ثم باع الخشبة وبرئ إليه منها فتركها المشتري حتى عطب بها إنسان فالضمان على البائع ) لأن فعله وهو الوضع لم ينفسخ بزوال ملكه وهو الموجب ( ولو وضع في الطريق جمرا فأحرق شيئا يضمنه ) لأنه متعد فيه ( ولو حركته الريح إلى موضع آخر ثم أحرق شيئا لا يضمنه ) لنسخ الريح فعله ، وقيل إذا كان اليوم ريحا يضمنه لأنه فعله مع علمه بعاقبته وقد أفضى إليها فجعل كمباشرته .
( قوله وكذلك إذا سقط شيء مما ذكرنا في أول الباب ) قال الشراح : يعني الكنيف والميزاب والجرصن . أقول : لعل قول المصنف هذا مستدرك ، لأن ما مر آنفا من لفظ مختصر nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري وهو قوله وإذا أشرع في الطريق روشنا أو ميزابا أو نحوه فسقط على إنسان فعطب فالدية على عاقلته كان متناولا لجميع ما ذكر في أول الباب . أما للميزاب فصراحة كما ترى . وأما لغير ذلك فبعموم قوله أو نحوه فلا حاجة إلى ما ذكره المصنف هنا بل لا وجه للفظ ، وكذلك سيما بالنظر إلى الميزاب تأمل ( قوله وكذا إذا تعثر بنقضه إنسان أو عطبت به دابة ) [ ص: 309 ] أقول : فيه نوع تساهل ، لأن جواب المسألة السابقة وجوب الدية على العاقلة ، وفيما إذا عطبت به دابة يجب ضمانها في ماله صرح به في الكافي وغيره ، وكلمة كذا تقتضي الاشتراك في الجواب وهو غير متحقق في قوله أو عطبت به دابة ، اللهم إلا أن يكون المراد بكلمة كذا هنا هو التشبيه والتشريك في مجرد وجوب الضمان لا في وجوبه على الوجه الخاص المذكور فيما سبق ، فيعم قوله إذا تعثر بنقضه إنسان .
وقوله أو عطبت به دابة ، لكنه خلاف الظاهر من العبارة فهو عين التساهل .