قال ( وإذا التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة ) لأن القتيل بين أظهرهم والحفظ عليهم ( إلا أن يدعي الأولياء على أولئك أو على رجل منهم بعينه فلم يكن على أهل المحلة شيء ) لأن هذه الدعوى تضمنت براءة أهل المحلة عن القسامة . قال ( ولا على أولئك حتى يقيموا البينة ) لأن بمجرد الدعوى لا يثبت الحق للحديث الذي رويناه ، أما يسقط به الحق عن أهل المحلة لأن قوله حجة على نفسه .
( قوله وإذا التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة لأن القتيل بين أظهرهم ) أي وجد بين أظهرهم : أي بينهم . والظهر والأظهر يجيئان مقحمين كما في قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=30817لا صدقة إلا عن ظهر غنى } أي صادرة عن غنى فالظهر فيه مقحم كما في ظهر القلب وظهر الغيب ، وكذا في الأظهر ، يقال : أقام بين أظهرهم : أي بينهم ، [ ص: 389 ] كذا في الشروح . فإن قيل : الظاهر أن قاتله من غير أهل المحلة وأنه من خصمائه . قلنا : قد تعذر الوقوف على قاتله حقيقة فيتعلق الحكم بالسبب الظاهر وهو وجوده قتيلا في محلتهم ، كذا في النهاية والعناية . أقول : يرد على هذا الجواب أن يقال : ما بالكم تجعلون هذا الظاهر وهو وجوده قتيلا في محلتهم موجبا لاستحقاق القسامة والدية على أهل المحلة ولا تجعلون ذاك الظاهر وهو كون قاتله خصما من غير أهل المحلة دافعا للقسامة والدية عن أهل المحلة ، مع أن الأصل الشائع أن يكون الظاهر حجة للدفع دون الاستحقاق . فالأظهر في الجواب أن يقال : الظاهر لا يكون حجة للاستحقاق فبقي حال القتل مشكلا ، فأوجبنا القسامة والدية على أهل المحلة لورود النص بإضافة القتل إليهم عند الإشكال ، فكان العمل بما ورد فيه النص ، وسيأتي مثل هذا عن قريب