قال ( وإذا أقر المريض لامرأة بدين أو أوصى لها بشيء أو وهب لها ثم تزوجها ثم مات جاز الإقرار وبطلت الوصية والهبة ) لأن الإقرار ملزم بنفسه وهي أجنبية عند صدوره ، ولهذا يعتبر من جميع المال ، ولا يبطل بالدين إذا كان في حالة الصحة أو في حالة المرض ، إلا أن الثاني يؤخر عنه ، [ ص: 462 ] بخلاف الوصية لأنها إيجاب عند الموت وهي وارثة عند ذلك ، ولا وصية للوارث ، والهبة وإن كانت منجزة صورة فهي كالمضاف إلى ما بعد الموت حكما لأن حكمها يتقرر عند الموت ; ألا ترى أنها تبطل بالدين المستغرق وعند عدم الدين تعتبر من الثلث .
[ ص: 461 ] فصل في اعتبار حالة الوصية )
لما ذكر الحكم الكلي في الوصية وهو الحكم الذي يتعلق بثلث المال ذكر في هذا الفصل أحكاما تتعلق بالأحوال المتغيرة من وصف إلى وصف لما أن هذه الأحوال بمنزلة العوارض والأحكام المتعلقة بثلث المال بمنزلة الأصول ، والأصل مقدم على العارض ، كذا في الشروح .
( قوله وإذا أقر المريض لامرأة بدين أو أوصى لها بشيء أو وهب لها ثم تزوجها ثم مات جاز الإقرار وبطلت الوصية والهبة ) قال صاحب النهاية : وهذا بناء على أن المعتبر في جواز الوصية وفسادها كون الموصى له وارثا وغير وارث [ ص: 462 ] يوم الموت لا يوم الوصية ، والمعتبر في فساد الإقرار وجوازه كون المقر له وارثا للحال لأن الإقرار تمليك للحال ، فمتى كان المقر له وارثا يوم الإقرار لا يصح إقراره إذا كان المقر مريضا ا هـ . واقتفى أثره في هذا التقرير صاحب العناية . أقول : في عبارتهما خلل حيث قالا : لأن الإقرار تمليك للحال ، مع أنهم قد صرحوا في كتاب الإقرار بأن الإقرار ليس بتمليك بل هو إظهار للمقر به ، وقالوا : ولهذا لو أقر لغيره بالمال والمقر له يعلم أنه كاذب في إقراره لا يحل له أخذه ، وفرعوا على ذلك مسائل كثيرة : منها أن المريض إذا أقر بجميع ماله لأجنبي صح إقراره ولا يتوقف على إجازة الورثة ، ولو كان تمليكا مبتدأ لم ينفذ إلا بقدر الثلث عند عدم إجازتهم ، فحق العبارة أن يقال : لأن الإقرار تصرف في الحال كما قاله المصنف رحمه الله في أوائل كتاب الوصايا فتذكر .