قال ( وإن أوصى بداره كنيسة لقوم غير مسمين جازت الوصية عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقالا : الوصية باطلة ) لأن هذه معصية حقيقة وإن كان في معتقدهم قربة ، والوصية بالمعصية باطلة لما في تنفيذها من تقرير المعصية . nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن هذه قربة في معتقدهم ونحن أمرنا بأن نتركهم وما يدينون فتجوز بناء على اعتقادهم ; ألا يرى أنه لو أوصى بما هو قربة حقيقة معصية في معتقدهم لا تجوز الوصية اعتبارا لاعتقادهم فكذا عكسه . [ ص: 494 ] ثم الفرق nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة بين بناء البيعة والكنيسة وبين الوصية به أن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني . وإنما يزول ملكه بأن يصير محررا خالصا لله تعالى كما في مساجد المسلمين ، والكنيسة لم تصر محررة لله تعالى حقيقة فتبقى ملكا للباني فتورث عنه ، ولأنهم يبنون فيها الحجرات ويسكنونها فلم يتحرر لتعلق حق العباد به ، وفي هذه الصورة يورث المسجد أيضا لعدم تحرره ، بخلاف الوصية لأنه وضع لإزالة الملك إلا أنه امتنع ثبوت مقتضاه في غير ما هو قربة عندهم فبقي فيما هو قربة على مقتضاه فيزول ملكه فلا يورث .
ومنها إذا أوصى بما يكون قربة في حقنا وفي حقهم ، كما إذا أوصى بأن يسرج في بيت المقدس أو يغزى الترك وهو من الروم ، وهذا جائز سواء كانت لقوم بأعيانهم أو بغير أعيانهم لأنه وصية بما هو قربة حقيقة وفي معتقدهم أيضا . ومنها إذا أوصى بما لا يكون قربة لا في حقنا ولا في حقهم ، كما إذا أوصى للمغنيات والنائحات ، فإن هذا غير جائز لأنه معصية في حقنا وفي حقهم ، إلا أن يكون لقوم بأعيانهم فيصح تمليكا واستخلافا ، وصاحب الهوى إن كان لا يكفر فهو في حق الوصية بمنزلة المسلم لأنا أمرنا ببناء الأحكام على الظاهر ، وإن كان يكفر فهو بمنزلة المرتد فيكون [ ص: 495 ] على الخلاف المعروف في تصرفاته بين nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه .
[ ص: 494 ] قوله ثم الفرق nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة رحمه الله . إلى قوله : والكنيسة لم تصر محررة لله تعالى حقيقة ) قال في العناية بل تحرر على معتقدهم . أقول : لقائل أن يقول : إن أصل nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أن كون الشيء قربة في معتقدهم كاف بناء على أنا أمرنا بأن نتركهم وما يعتقدون ، فالاعتبار عنده لاعتقادهم دون الحقيقة كما مر آنفا ، فلم لم يعتبر هنا كون الكنيسة أو البيعة محررة في معتقدهم حتى يزول ملك الباني عنها . فإن قلت : إنهم يبنون فيها الحجرات ويسكنون فلم تحرر لله تعالى لتعلق حق العباد بها . قلت : هذا مصير إلى التعليل الثاني الذي ذكره بقوله ولأنهم يبنون فيها الحجرات إلى آخره ، والكلام في التعليل الأول فلا معنى للخط .
( قوله ولأنهم يبنون فيها الحجرات ويسكنونها فلم يتحرر لله تعالى لتعلق حق العباد به ) قال صاحب العناية : قوله ولأنهم يبنون فيها الحجرات دليل آخر على عدم التحرر لله تعالى ا هـ . أقول : فيه نظر ، لأن كون هذا دليلا آخر على عدم [ ص: 495 ] التحرر لله تعالى يقتضي سبق دليل أول عليه ، ولا يذهب على الناظر في كلام المصنف أنه لم يذكر فيه قبل هذا ما يكون دليلا عليه ، وإنما قال من قبل والكنيسة لم تصر محررة لله تعالى حقيقة ، وهذا دعوى بلا دليل . ثم أقول : الحق عندي أن قوله ولأنهم يبنون فيها الحجرات إلخ دليل آخر على الفرق nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة بين بناء البيعة والكنيسة وبين الوصية عطف بحسب المعنى على قوله إن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني إلخ ، كأنه قال : ثم الفرق nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة رحمه الله تعالى بينهما لأن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني ، ولأنهم يبنون فيها الحجرات ويسكنونها إلخ تبصر