قال ( وأحب إلينا أن يصلي بقناع ) لأنه يحتمل أنه امرأة ( ويجلس في صلاته جلوس المرأة ) لأنه إن كان رجلا فقد ترك سنة وهو جائز في الجملة ، وإن كان امرأة فقد ارتكب مكروها لأن الستر على النساء واجب ما أمكن ( وإن صلى بغير قناع أمرته أن يعيد ) لاحتمال أنه امرأة وهو على الاستحباب وإن لم يعد أجزأه ( وتبتاع له أمة تختنه إن كان له مال ) لأنه يباح لمملوكته النظر إليه رجلا كان أو امرأة . ويكره أن يختنه رجل لأنه عساه أنثى أو تختنه امرأة لأنه لعله رجل فكان الاحتياط فيما قلنا ( وإن لم يكن له مال ابتاع له الإمام أمة من بيت المال ) لأنه أعد لنوائب المسلمين [ ص: 519 ] ( فإذا ختنته باعها ورد ثمنها في بيت المال ) لوقوع الاستغناء عنها
( قوله ويجلس في صلاته جلوس المرأة ، لأنه إن كان رجلا فقد ترك سنة وهو جائز في الجملة ، وإن كان امرأة فقد ارتكب مكروها لأن الستر على النساء واجب ما أمكن ) أقول : في هذا التعليل كلام ، وهو أنه إن أراد بقوله وهو جائز في الجملة أنه جائز بلا عذر فهو ممنوع بل مكروه ، وإن أراد به أنه جائز بعذر كما صرح به في الكافي حيث قال : وهو جائز في الجملة عند العذر ، وكما صرح به في المبسوط والذخيرة ، وبين وجه العذر هنا حيث قال : لأن الرجل يجلس كذلك عند العذر واشتباه الحال من أبين الأعذار ا هـ . فهو مسلم لكن يرد حينئذ على قوله وإن كان امرأة فقد ارتكب مكروها أن يقال : ارتكاب المكروه أيضا جائز عند العذر ، واشتباه الحال من أبين الأعذار فما الرجحان في جلوسه جلوس المرأة فتأمل في الدفع .
( قوله وتبتاع له أمة تختنه إن كان له مال لأنه يباح لمملوكته النظر إليه رجلا كان أو امرأة ) قال صاحب النهاية : هذا التعليل وإن كان صحيحا في حق الرجل ولكن هو فاسد [ ص: 519 ]
في حق المرأة ، لأن الأمة لا يباح لها النظر إلى مواضع العورة من سيدتها مطلقا ، لأنه ذكر في استحباب المبسوط أن للأمة أن تنظر إلى مولاتها كما للأجنبيات ، فعلم بهذا أنه لا تأثير للملك في إباحة النظر إلى سيدتها . والأولى في التعليل هنا ما ذكره في المبسوط والذخيرة فقال : لأنه متى اشترى الولي جارية للخنثى فإنه يملكها الخنثى ، ثم إن كان الخنثى ذكرا فهذا نظر المملوكة إلى مالكها ، وإن كان الخنثى أنثى فإنه نظر الجنس إلى الجنس وإنه مباح حالة العذر ، فعلم بهذا أن شراء الجارية له على تقدير أن يكون الخنثى أنثى ، باعتبار أن نظر الجنس إلى الجنس أخف من نظره إلى خلاف الجنس ، لا أن يكون الملك تأثيرا في إباحة نظر المملوكة إلى سيدتها ، إلى هنا لفظ النهاية . وقال صاحب الغاية بعد أن نقل اعتراض صاحب النهاية على تعليل المصنف : وفيه نظر ، لأن ذلك في حالة الاختيار لا في حالة العذر ، ولهذا لو أصاب المرأة قرح أو جرح في موضع لا يحل النظر إليه تداويه المرأة ، وكذا نظر القابلة إلى فرج المرأة وقت الولادة يحل ، فإذا جاز النظر بالعذر فإقامة السنة أيضا عذر جاز لها أن تنظر إلى فرجها انتهى . أقول : نظره ساقط ، إذ يشترك في جواز النظر بالعذر إلى موضع العورة من الأمة المرأة والحرة والمملوكة وغير المملوكة ، فلم يكن للملك تأثير في إباحة نظر المملوكة إلى سيدتها أصلا . وتعليل المصنف بقوله لأنه يباح لمملوكته النظر إليه رجلا كان أو امرأة يشعر لا محالة بتأثير الملك في إباحة النظر إلى سيدتها كتأثيره في إباحة النظر إلى سيدها ، فيرد عليه ما قاله صاحب النهاية من أن هذا صحيح في حق الرجل فاسد في حق المرأة ، وعن هذا أمضاه جماعة من الشراح منهم صاحب العناية ، وقال صاحب الكافي في التعليل : لأنه يباح لمملوكته النظر إلى ذكره إن كان رجلا