ثم عقل أهل الإجماع أن إيجابه لقضاء حقه فكان على الكفاية لصيرورة حقه مقضيا بفعل البعض . وأما المعنى ; فلأنه كإمام القوم حتى لا تصح هذه الصلاة بدونه ، وطهارة الإمام شرط فكذا طهارته فهو فرع ثبوت وجوب غسله سمعا فليس هو معنى مستقلا بالنظر إلى نفسه في إفادة وجوب الغسل . هذا واختلف في سبب وجوبه قيل ليس لنجاسة تحل بالموت بل للحدث ; لأن الموت سبب للاسترخاء وزوال العقل ، وهو القياس في الحي ، وإنما اقتصر على الأعضاء الأربعة فيه للحرج لكثرة تكرر سبب الحدث منه .
فلما لم يلزم سبب الحرج في الميت عاد الأصل ; ولأن نجاسة الحدث تزول بالغسل لا نجاسة الموت لقيام موجبها بعده . وقيل وهو الأقيس سببه نجاسة الموت ; لأن الآدمي حيوان دموي فيتنجس بالموت كسائر الحيوان ، ولذا لو حمل ميتا قبل غسله لا تصح صلاته ، ولو كان للحدث لصحت كحمل المحدث . غاية ما في الباب أن الآدمي المسلم خص باعتبار نجاسته الموتية زائلة بالغسل تكريما ، بخلاف الكافر فإنه لا يطهر بالغسل ولا تصح صلاة حامله بعده . وقولكم نجاسة الموت لا تزول لقيام موجبها مشترك الإلزام فإن سبب الحدث أيضا قائم بعد الغسل .
ولأنا لم نقض حقه بعد . وقالوا في الغريق : يغسل ثلاثا في قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في رواية : إن نوى الغسل عند الإخراج من الماء يغسل مرتين ، وإن لم ينو فثلاثا . جعل حركة الإخراج بالنية غسلة ، وعنه يغسل مرة واحدة كأن هذه ذكر فيها القدر الواجب ( قوله : وضعوه على سرير ) قيل طوالا إلى القبلة ، وقيل عرضا . قال السرخسي : الأصح كيفما تيسر ( قوله : ووضعوا على عورته خرقة ) ; لأن العورة لا يسقط حكمها بالموت ، قال عليه السلام nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي { nindex.php?page=hadith&LINKID=30636لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت } ولذا لا يجوز تغسيل الرجل المرأة وبالعكس ، وكذا [ ص: 107 ] يجب على الغاسل في استنجاء الميت على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد أن يلف على يده خرقة ليغسل سوءته ، وكذا على الرجال إذا ماتت المرأة ولا امرأة تغسلها أن ييممها رجل ويلف على يده خرقة لذلك ، ولا يستنجى الميت عند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ( قوله : هو الصحيح ) احترازا عن رواية النوادر أنه يستر من سرته إلى ركبته ، وصححها في النهاية لحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي المذكور آنفا ( وقوله ونزعوا عنه ثيابه ) وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : السنة أن يغسل في قميص واسع الكمين أو يشرط كماه ; لأنه عليه الصلاة والسلام غسل في قميصه .
قلنا : ذاك خصوصية له عليه السلام بدليل ما روي أنهم قالوا نجرده كما نجرد موتانا أم نغسله في ثيابه ؟ فسمعوا هاتفا يقول : لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية : اغسلوه في قميصه الذي مات فيه ، فهذا يدل على أن عادتهم المستمرة في زمنه صلى الله عليه وسلم التجريد ; ولأنه يتنجس بما يخرج منه ويتنجس الميت به ويشيع بصب الماء عليه بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه لم يخرج منه إلا طيب ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : طبت حيا وميتا .