( باب الشهيد ) وجه فضله ، وتأخيره ظاهر ، وسمي شهيدا إما لشهود الملائكة إكراما له ، أو لأنه مشهود له بالجنة ، ولشهوده أي حضوره حيا يرزق عند ربه على المعنى الذي يصح ( قوله الشهيد إلخ ) هذا تعريف للشهيد الملزوم للحكم [ ص: 143 ] المذكور : أعني عدم تغسيله ونزع ثيابه لا لمطلقه فإنه أعم من ذلك على ما سنذكر من أن المرتث وغيره شهيد . وهذا التعريف على قول الكل بناء على ما اختاره بعضهم من أن المختلف فيه من الأحكام والأوصاف يجتنب في الحد لكن يحتاج إلى قيد مدخل وهو قولنا : إلا ما يجب بشبهة الأبوة ، ولو أريد تصويره على رأي nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قيل كل مسلم مكلف لا غسل عليه قتل ظلما من أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطريق بأي آلة كانت وبجارح من غيرهم ولم تجب بقتله دية بنفس القتل ولم يرتث فظلما مخرج للمقتول بحد أو قصاص أو افترسه سبع أو سقط عليه بناء أو سقط من شاهق أو غرق فإنه يغسل وإن كان شهيدا .
أما لو طعنوهم حتى ألقوهم في نار أو ماء أو نفروا دابة فصدمت مسلما ، أو رموا نارا بين المسلمين فهبت بها ريح إلى المسلمين ، أو أرسلوا ماء فغرق به مسلم فإنهم يكونون شهداء اتفاقا ، لأن القتل مضاف إلى العدو تسبيبا . فإن قيل في الحسك ينبغي أن لا يغسل لأن جعله تسبيب للقتل . قلنا : ما قصد به القتل يكون تسبيبا وما لا فلا ، وهم قصدوا به الدفع لا القتل . وقولنا بجارح لا يخص الحديد بل يشمل النار والقصب . وقولنا بنفس القتل احتراز عما إذا وجب بالصلح عن دم العمد بعد ما وجب القصاص ، وعما إذا قتل الوالد ولده فالواجب الدية ، والولد شهيد لا يغسل في الرواية المختارة ، فإن موجب فعله ابتداء القصاص ثم ينقلب مالا لمانع الأبوة ، وباقي القيود ظاهرة ، وستخرج مما سيورد من الأحكام ( قوله قال عليه الصلاة والسلام في شهداء إلخ ) غريب تمامه .
وأما إن ظهر من الفم فقالوا : إن عرف أنه من الرأس بأن يكون صافيا غسل ، وإن كان خلافه عرف أنه من الجوف فيكون من جراحة فيه فلا يغسل . وأنت علمت أن المرتقى من الجوف قد يكون علقا فهو سوداء بصورة الدم ، وقد يكون رقيقا من قرحة في الجوف على ما تقدم في طهارة الطهارة فلم يلزم كونه من جراحة حادثة بل هو أحد المحتملات ( قوله ويقول السيف محاء للذنوب ) ذكروه في بعض كتب الفقه حديثا ، وهو كذلك في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، وإنما معتمد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر { nindex.php?page=hadith&LINKID=64958أنه عليه الصلاة والسلام لم يصل على قتلى أحد } وهذا معارض بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح { nindex.php?page=hadith&LINKID=3475أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد } أخرجه أبو داود في المراسيل ، فيعارض حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عندنا ، ثم يترجح بأنه مثبت وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ناف ، ونمنع أصل المخالف في تضعيف المراسيل ، ولو سلم فعنده إذا اعتضد يرفع معناه .
وأسند في فتوح الشام : حدثني رويم بن عامر عن سعيد بن عاصم عن عبد الرحمن بن بشار عن الواقصي عن سيف مولى ربيعة بن قيس اليشكري قال : كنت في الجيش الذي وجهه nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق مع nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص إلى أيلة وأرض فلسطين فذكر القصة . وفيها أنه قتل من المسلمين مائة وثلاثون وصلى عليهم nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ومن معه من المسلمين ، وكان مع nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو تسعة آلاف من المسلمين
( قوله ونحن نقول : الصلاة على الميت لإظهار كرامته ) لا يخفى أن المقصود الأصلي من الصلاة نفسها الاستغفار له والشفاعة والتكريم ، يستفاد إرادته من إيجاب ذلك على الناس فنقول : إذا أوجب الصلاة على الميت على المكلفين تكريما فلأن يوجبها عليهم على الشهيد أولى ، لأن استحقاقه للكرامة أظهر ( قوله كالنبي أو الصبي ) لو اقتصر على النبي كان أولى ، فإن الدعاء في الصلاة على الصبي لأبويه . هذا ولو اختلط قتلى المسلمين بقتلى الكفار أو موتاهم لم يصل عليهم إلا أن يكون موتى المسلمين أكثر فيصلي حينئذ عليهم وينوي أهل الإسلام فيها بالدعاء