( وإذا استشهد الجنب غسل عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ) [ ص: 146 ] وقالا : لا يغسل ، لأن ما وجب بالجنابة سقط بالموت والثاني لم يجب للشهادة . nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن الشهادة عرفت مانعة غير رافعة فلا ترفع الجنابة . وقد صح أن nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة لما استشهد جنبا غسلته الملائكة ، وعلى هذا الخلاف الحائض [ ص: 147 ] والنفساء إذا طهرتا وكذا قبل الانقطاع في الصحيح من الرواية ، وعلى هذا الخلاف الصبي لهما أن الصبي أحق بهذه الكرامة . [ ص: 148 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990وله أن السيف كفى عن الغسل في حق شهداء أحد بوصف كونه طهرة ، ولا ذنب على الصبي فلم يكن في معناهم
( قوله ما وجب بالجنابة ) وهو الغسل ( سقط بالموت ) لأن وجوبه لوجوب ما لا يصح إلا به . وقد سقط ذلك بالموت فيسقط الغسل ، ولأن الشهادة أقيمت مقام الغسل الواجب بالموت لاحتباس الدماء إن قتل بغير جارح ، أو لتلطخه بها إن قتل بجارح مع قيام الموجب فكذا الواجب قبله .
وله أن الشهادة عهدة مانعة من ثبوت التنجس بالموت وبالتلطخ وإلا لرتب مقتضاه ، أما رفعها لنجاسة كانت قبلها فموقوف على السمع ، ولم يرد بذلك إلا في نجاسة الحدث للقطع إجماعا بأنه لا يوضأ شهيد مع العلم باستلزام كل موت للحدث الأصغر أقله ما يحصل بزوال العقل قبيله ، فلو بقي الحال على عدم السمع لكفى في إيجاب الغسل فكيف والسمع يوجبه ، وهو ما صح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة ، وبه يندفع قولهما سقط بسقوط ما وجب لأجله . ولو لم يكن قلنا في جوابه لم لم يشرع غسل الجنابة للعرض على الله عز وجل وعلا وإدخال القبر كما كان مشروعا للقراءة والمس ، وقد لا يجب واحد منهما ليتحقق سقوطه ، فإن أصلحوا العبارة قالوا سقط لعدم فائدته وهي التوصل به إلى فعل ما لا يحل إلا به دفع بتجويز تلك الفائدة وهي العرض على الرب جل جلاله ، فيبقى الوجوب الذي كان ثابتا قبل الموت بناء على أن صفة تعلقه قبل الموت للتوصل إلى حل ما لا يحل بدونه حالة الحياة والعرض إن مات قبل الغسل .
والحق أن الدافع ليس إلا بالنص ، وهو حديث nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة لأن لهم أن يدفعوا هذا بأن الوجوب قبل الموت كان متعلقا به وبعده بغيره فهو غيره ، أو لا ينتقل إلى غيره إلا بدليل فنرجع في إيجادهم ذلك الدليل إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة : فإن قالوا : هو إنما يفيد إرادة الله سبحانه وتكريمه لا أنه واجب وإلا لم يسقط بفعل غير الآدميين لأن الوجوب عليهم . قلنا : كان ذلك أول تعليم للوجوب وإفادته له ، فجاز أن يسقط بفعلهم ذلك ما المقصود به الفعل ، بخلاف ما بعد الأول ، كغسل الملائكة آدم عليه السلام سقط بفعلهم لأنه ابتداء إفادة الوجوب مع كون المقصود نفس الفعل ، ولم يسقط ما بعده إلا بفعل المكلفين .
وفي غريب الحديث للسرقسطي بسنده عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير خرج حنظلة بن أبي عامر وقد واقع امرأته ، فخرج وهو جنب لم يغتسل ، فلما التقى الناس لقي أبا سفيان بن حرب فحمل عليه فسقط nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان عن فرسه فوثب عليه nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة وقعد على صدره يذبحه فمر به جعونة بن شعوب الكناني فاستغاث به nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان فحمل على nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة فقتله وهو يرتجز ويقول :
لأحمين صاحبي ونفسي بطعنة مثل شعاع الشمس
وفي nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي سمى القاتل الأسود بن شعوب ( قوله في الصحيح من الرواية ) احتراز عن الرواية الأخرى أنه لم يكن الغسل واجبا عليهما قبل الموت إذ لا يجب قبل الانقطاع .
وجه المختارة أن الدم موجب للاغتسال عند الانقطاع ، وقد حصل الانقطاع بالموت ، ولا بد من إلحاقه بالجنب إذ قد صار أصلا معللا بالعرض على الله سبحانه ، وإلا فهو مشكل بأدنى تأمل ( قوله : إن الصبي أولى بهذه الكرامة ) وهي سقوط الغسل ، فإن سقوطه لإبقاء أثر المظلومية ، وغير المكلف أولى بذلك لأن مظلوميته أشد حتى قال أصحابنا : خصومة البهيمة يوم القيامة أشد من خصومة المسلم ( قوله : وله أن السيف إلخ ) حاصله إما إبداء قيد زائد في العلية فإنهما عللا السقوط إيفاء أثر المظلومية فقال هو [ ص: 148 ] العلة إبقاء أثرها بجعل القتل طهرة ، أي جعل القتل في سبيل الله طهرة عن الذنوب إبقاء لأثر الظلم ، ولا ذنب على غير المكلف فلم يتحقق تأثير القتل في حقه لهذا الحكم ، وأما منع العلة وتعيينها مجرد جعل الشهادة طهرة إكراما ، وعلى كل حال فقوله أولى لاتفاق الكل على اعتبار التكريم في إسقاط الغسل بالقتل ، والتكريم في جعل القتل طهرة من الذنوب أظهر منه في إبقاء أثر الظلم أو هو غير موجود معه أصلا