الفصل الثاني: في
حد اللحن وحقيقته في العرف والوضع:
اعلم أن اللحن على ضربين: لحن جلي، ولحن خفي، ولكل واحد منهما حد يخصه، وحقيقة بها يمتاز على صاحبه.
فأما
اللحن الجلي فهو خلل يطرأ على الألفاظ، فيخل بالمعنى والعرف، [ ص: 63 ] وخلل يطرأ على الألفاظ فيخل بالعرف دون المعنى.
وأما
اللحن الخفي فهو خلل يطرأ على الألفاظ فيخل بالعرف.
بيان ذلك: أن اللحن الجلي المخل بالمعنى والعرف هو تغيير بعض الحركات عما ينبغي، نحو أن تضم التاء في قوله تعالى:
{أنعمت عليهم} [الفاتحة: 7]، أو تكسرها، أو تفتح التاء في قوله:
{ما قلت لهم} [المائدة: 117]
والقسم الثاني من الجلي المخل بالعرف دون المعنى نحو رفع الهاء ونصبها من قوله تعالى: {الحمد لله} [الفاتحة: 2].
واللحن الخفي: هو مثل تكرير الراءات، وتطنين النونات، وتغليظ اللامات وإسمانها وتشريبها الغنة، وإظهار المخفي، وتشديد الملين، وتليين المشدد، والوقوف بالحركات كوامل مما سنذكره بعد، وذلك غير مخل بالمعنى، ولا مقصر باللفظ، وإنما الخلل الداخل على اللفظ فساد رونقه وحسنه وطلاوته، من حيث إنه جار مجرى الرتة واللثغة، كالقسم الثاني من اللحن الجلي، لعدم إخلالهما بالمعنى، وهذا الضرب من اللحن - وهو الخفي - لا يعرفه إلا القارئ المتقن، والضابط المجود، الذي أخذ من أفواه الأئمة، ولقن من ألفاظ أفواه العلماء الذين ترتضى تلاوتهم، ويوثق بعربيتهم، فأعطى كل حرف حقه، ونزله منزلته.