[ ص: 107 ] فصل نذكر فيه
ما يتعلق بكل حرف من التجويد [الهمزة]
أما الهمزة: تقدم الكلام على مخرجها ونسبتها وصفتها، وهي حرف مجهور، شديد، منفتح، مستفل، لا يخالطها نفس. وهي من حروف الإبدال، وحروف الزوائد. وهي لا صورة لها في الخط، وإنما تعلم بالشكل والمشافهة.
والناس يتفاضلون في النطق بها على مقدار غلظ طباعهم ورقتها، فمنهم من يلفظ بها لفظا تستبشعه الأسماع، وتنبو عنه القلوب، ويثقل على العلماء بالقراءة، وذلك مكروه، معيب من أخذ به. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش أنه كان
[ ص: 108 ] يكره شدة النبرة - يعني الهمزة - في القراءة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش: إمامنا يهمز " مؤصدة " [الهمزة: 8] فأشتهي أن أسد أذني إذا سمعته يهمزها.
ومنهم من يشددها في تلاوته، يقصد بذلك تحقيقها، وأكثر ما يستعملون ذلك بعد المد، فيقولون: " يا أيها " [البقرة: 21] .
ومنهم من يأتي بها في لفظة مسهلة، وذلك لا يجوز إلا فيما أحكمت الرواية تسهيله.
والذي ينبغي، أن القارئ - إذا همز - أن يأتي بالهمزة سلسلة في النطق، سهلة في الذوق، من غير لكن ولا ابتهار لها، ولا خروج بها عن حدها، ساكنة كانت أو متحركة، يألف ذلك طبع كل أحد، ويستحسنه أهل العلم بالقراءة، وذلك المختار. وقليل من يأتي بها كذلك في زماننا هذا، ولا يقدر القارئ عليه إلا برياضة شديدة، كما كان
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة يقول: إنما الهمزة رياضة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب: فإذا أحسن الرجل سهلها، أي تركها.
[ ص: 109 ] وينبغي للقارئ إذا سهل الهمزة أن يجعلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، وذلك مذكور في كتب القراءات، فلذلك أضربنا عن ذكره هنا.
وينبغي أيضا للقارئ أن يتحفظ من إخفاء الهمزة إذا انضمت أو انكسرت، وكان بعد كل منهما أو قبله ضمة أو كسرة، نحو قوله:
{إلى بارئكم} [البقرة: 54]،
{سئل} [البقرة: 108]، و
{متكئون} [يس: 56]، و {أعدت} [البقرة: 24].
وينبغي للقارئ إذا وقف على الهمزة المتطرفة بالسكون أن يظهرها في وقفة لبعد مخرجها، وضعفها بالسكون وذهاب حركتها، لأن كل حرف سكن خف إلا الهمزة، فإنها إذا سكنت ثقلت، لا سيما إذا كان قبلها ساكن، سواء كان الساكن حرف علة أو صحة، نحو قوله:
{دفء} [النحل: 5] و
{الخبء} [النمل: 25] و {السماء} [البقرة: 19] و {شيء} [البقرة: 20] ولهذا المعنى آثر
هشام تسهيلها على تسهيل المتوسطة.
هذا ما يتعلق بحكم الهمزة.