صفحة جزء
[ ص: 130 ] [الضاد]

وأما الضاد: تقدم الكلام على أنها تخرج من المخرج الرابع من مخارج الفم، من أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس، وهي مجهورة رخوة مطبقة مستعلية مستطيلة.

واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره، والناس يتفاضلون في النطق به. فمنهم من يجعله ظاء مطلقا، لأنه يشارك الظاء في صفاتها كلها، ويزيد عليها بالاستطالة، فلولا الاستطالة واختلاف المخرجين لكانت ظاء، وهم أكثر الشاميين وبعض أهل الشرق. وهذا لا يجوز في كلام الله تعالى، لمخالفة المعنى الذي أراده الله تعالى، إذ لو قلنا {الضالين} بالظاء كان معناه: الدائمين، وهذا خلاف مراد الله تعالى، وهو مبطل للصلاة، لأن (الضلال) بالضاد وهو ضد (الهدى) ، كقوله تعالى: {ضل من تدعون إلا إياه} [الإسراء: 67]، {ولا الضالين} [الفاتحة: 7] ونحوه، وبالظاء هو الدوام كقوله تعالى: {ظل وجهه مسودا} [النحل: 58] ، فمثال الذي يجعل الضاد ظاء في هذا وشبهه كالذي يبدل السين صادا في نحو قوله: {وأسروا النجوى} [الأنبياء: 3] و {أصروا واستكبروا} [نوح: 7] فالأول من السر، والثاني من الإصرار.

[ ص: 131 ] وقد حكى ابن جني في كتاب "التنبيه" وغيره أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقا في جميع كلامهم. وهذا غريب، وفيه توسع للعامة.

ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها، بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة، لا يقدرون على غير ذلك، وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب.

ومنهم من يخرجها لاما مفخمة، وهم الزيالع ومن ضاهاهم.

واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص على إخراجه من مخرجه بطبعه لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم.

وإذا أتى بعد الضاد حرف إطباق وجب التحفظ بلفظ الضاد، لئلا يسبق اللسان إلى ما هو أخف عليه، وهو الإدغام، كقوله: {فمن اضطر} [البقرة: 173] و {ثم أضطره} [البقرة: 126].

وإذا سكنت الضاد وأتى بعدها حرف من حروف المعجم فلا بد من المحافظة على بيانها، وإلا بادر اللسان إلى ما هو أخف منها، نحو قوله تعالى:

[ ص: 132 ] {أفضتم} [البقرة: 198] و {خضتم} [التوبة: 69] و {واخفض جناحك} [الحجر: 88] و {وقيضنا} [فصلت: 25] و {فرضنا} [الأحزاب: 50] و {خضر} [يوسف: 43] و {نضرة} [الإنسان: 11] و {في تضليل} [الفيل: 2] ونحو ذلك.

وإذا تكررت هي، أو أتى بعدها ظاء، فلا بد من بيان كل واحد منهما وإخراجهما من مخرجها، كقوله: {يغضضن} [النور: 31] و {أنقض ظهرك} [الشرح: 3] و {يعض الظالم} [الفرقان: 27] ونحوه.

وإذا أتى بعدها حرف مفخم أو غيره فلا بد من بيانها، لئلا يبدلها اللسان حرفا من جنس ما بعدها، كما تقدم، نحو {أرض الله} [النساء: 97] و {الأرض ذهبا} [آل عمران: 91] وشبه ذلك.

والتفخيم ذكر قبل.

التالي السابق


الخدمات العلمية