[ ص: 29 ] مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي اصطفى من شاء من خلقه لحفظ كتابه، وجعلهم من جملة أوليائه وخواص أحبابه، ووعدهم على تلاوته الصحيحة والعمل بما فيه جزيل الثواب، وأعلى الدرجات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدخرها ليوم العرض والحساب، وأشهد أن سيدنا
محمدا عبده ورسوله أحب الأحباب إلى العزيز الوهاب، القائل: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654640أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه " والقائل: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=673175يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ".
والقائل: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=676724إن لله تعالى أهلين من الناس أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ".
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين نقلوا القرآن وحافظوا عليه ورتلوه كما أنزل، وعملوا بما فيه، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واهتدوا بهديه، وتخلقوا بآدابه، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون.
"أما بعد" فيقول أفقر العباد وأحوجهم إلى الله عز شأنه
عبد الفتاح السيد [ ص: 30 ] عجمي المرصفي بلدا ومولدا، المصري، وطنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مذهبا، الأزهري تربية: لما تشرفت بتدريس علم التجويد بالمدارس القرآنية كمدرسة مدينة
تاجوراء وترهونة وغيرهما من المدن الليبية إلى جانب قيامي بواجب إلقاء دروس الوعظ والإرشاد بالجامعة الإسلامية بإقليم
طرابلس الغرب بليبيا آنذاك - رأيت أن من الواجب علي نحو القرآن الكريم، وأحكام تلاوته أن أكتب كتابا في فن تجويد القرآن، متوخيا فيه سهولة الأسباب، ووضوح المعنى، وبسط الموضوع، وتقريب البعيد، وتجنب التعقيد؛ ليكون للمبتدئين تبصرة، وللمنتهين تذكرة، وقد قيدت جل مسائله بشواهد من المنظوم، تضمنت ما جاء في المتنين المباركين؛ متن المقدمة الجزرية
للحافظ ابن الجزري ، ومتن تحفة الأطفال للعلامة الشيخ
سليمان الجمزوري وغيرهما من المتون المعول عليها في هذا الشأن. ومما أخذته عن شيوخي بالأزهر المعمور حالة الأداء؛ ليعم النفع به، ويسهل الاغتراف منه، فليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، فجاء - بحمد الله - كتابا وافيا بالمقصود منه، جامعا للفوائد المتعلقة بموضوعه، ولم أدخر جهدا في تنقيحه وتهذيبه وتحريره وتقريبه؛ تيسيرا لطلابه. ومع هذا فإني معترف بالتقصير أمام الأثبات النحارير، ولا أدعي السلامة فيه من العيوب; لأنه لا كمال إلا لله وحده علام الغيوب، ولا عصمة إلا للأنبياء الكرام - عليهم الصلاة والسلام، ولما فتح الله علي بإتمام كتابته سميته آنذاك "طريق المريد إلى علم التجويد".
ثم إنني لما شرفتني العناية الإلهية بابتعاثي إلى "كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية" إحدى كليات الجامعة الإسلامية بطيبة مدينة رسول الله المنورة الزكية - على ساكنها أفضل الصلاة وأسنى التحية - لأقوم فيها بتدريس العشر القراءات على ما تواترت به الروايات، وما يتبعها من علوم فواضل كعلمي الرسم والضبط وعلم الفواصل "عد الآي" وكان إحكام هذه الأحكام متوقفا على دراسة علم التجويد، الذي هو حق الله على العبيد إذا ذكروه بتلاوة القرآن المجيد - أعدت النظر في هذا المصنف، وأجريت عليه قلم التنقيح؛ ليوافق مستوى طلاب الجامعة من الإجمال والتوضيح، والكناية والتصريح، والزيادة والإفادة فجاء - والفضل لله وحده - درة يتيمة في بابه، فريدا في استيعابه، في إيجازه وإطنابه.
[ ص: 31 ] والتزمت فيه التنبيه على سهو القدامى وخلط المحدثين من سائر ما اطلعت عليه، إلا ما رأيت العزوف عن الوقوف عنده طويلا أليق بحاله وأصلح لمآله؛ لعدم اشتهاره أو لعدم تلقي الناس له بالقبول، وقد قمت بذكر تراجم لجميع من أوردت ذكره من العلماء في أصل الكتاب، وجعلت ذلك في ملحق خاص بآخره؛ ليكون أعون للطالب على معرفة أهل العلم الذين هم شهودنا ووسائطنا في نقل هذا العلم، وإليهم تنتمي الأقوال فيه؛ وليكون أعون على الاستفادة من أهل العلم، والاقتداء بهم، واقتفاء سننهم، ولما أن أكمل الله لي منته، وأتم علي نعمته سميته حاليا "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يثيبني عليه - يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم - وأن ينفع به أهل القرآن في كل زمان ومكان، إنه الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم.
المؤلف
عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي
المدرس بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة
تم تبييضه مع الزيادة والتنقيح وذكر أعلامه بالمدينة المنورة في يوم الجمعة المبارك 27 من شوال سنة 1399هـ. وتمت كتابته الأولى بمدينة تاجوراء - طرابلس - ليبيا في يوم السبت العاشر من جمادى الآخرة سنة 1383هـ الموافق 30\9\1963م.
[ ص: 32 ]