صفحة جزء
71- الإمام عبد الله بن عامر الشامي والدمشقي أو اليحصبي أحد الأئمة السبعة .

الإمام عبد الله بن عامر الشامي والدمشقي أو اليحصبي أحد الأئمة السبعة :

هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر بن عبد الله بن عمران اليحصبي نسبة إلى يحصب بن دهمان بن عامر بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر وهو هود عليه السلام .

[ ص: 665 ] وفي يحصب الكسر والضم فإذا ثبت الكسر فيه جاز الفتح في النسبة فعلى هذا يجوز في اليحصبي - أي في الصاد - الحركات الثلاث وقد اختلف في كنيته كثيرا والأشهر أنه أبو عمران إمام أهل الشام في القراءة والذي انتهت إليه مشيخة الإقراء بها تابعي جليل القدر وأحد الأئمة السبعة قرأ على المغيرة بن شهاب صاحب عثمان وهو الأصح وعلى أبي الدرداء الصحابي وأثبته الداني وهو غير بعيد وعلى فضالة بن عبيد الأنصاري وهو جيد ويحتمل سماعه لقراءة عثمان بن عفان ويمكن أن يكون قرأ عليه بعض القرآن ولا يمتنع قراءته على واثلة بن الأسقع . قال أبو علي الأهوازي : كان ابن عامر إماما عالما ثقة فيما آتاه حافظا لما رواه متقنا لما وعاه . عارفا فهما قيما فيما جاء به صادقا فيما نقله من أفاضل المسلمين وخيار التابعين وأجلة الراوين لا يتهم في دينه ولا يشك في يقينه ولا يرتاب في أمانته ولا يطعن عليه في روايته صحيح نقله فصيح قوله عاليا في قدره مصيبا في أمره مشهورا في علمه رجوعا إلى فهمه لم يتعد فيما ذهب إليه الأثر ولم يقل قولا يخالف فيه الخبر ا هـ وكان إمام الجامع بدمشق ، لا يرى فيه بدعة إلا غيرها وظل ناظرا على عمارته حتى فرغ وولي قضاء الشام .

قال الحافظ ابن الجزري في النشر : " أم - أي ابن عامر- المسلمين بالجامع الأموي سنين كثيرة في أيام عمر بن عبد العزيز وقبله وبعده فكان يأتم به وهو أمير المؤمنين وناهيك بذلك منقبة وجمع له بين الإمامة والقضاء ومشيخة الإقراء بدمشق، ودمشق إذ ذاك دار الخلافة ومحط رجال العلماء والتابعين فأجمع على قراءته وعلى تلقيها بالقبول وهم الصدر الأول من أفاضل المسلمين . ا هـ . ولد ابن عامر سنة ثمان من الهجرة على الصواب .

قال خالد بن يزيد سمعت عبد الله بن عامر اليحصبي يقول : ولدت سنة ثمان من الهجرة في البلقا بضيعة يقال لها رحاب ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان وذلك قبل فتح دمشق وانقطعت إلى دمشق بعد فتحها ولي تسع سنين ا هـ . وقد ثبت سماعه من جماعة من الصحابة منهم : معاوية بن أبي سفيان [ ص: 666 ] والنعمان بن بشير وواثلة بن الأسقع وفضالة بن عبيد وروى عند القراء خلق كثيرون منهم : يحيى بن الحارث الذماري وهو الذي خلفه في القيام بها . وأخوه عبد الرحمن بن عامر وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وغيرهم .

وروى عن يحيى بن الحارث الذماري أيوب بن تميم وعنه أبو عمرو عبد الله بن بشير بن ذكوان أحد روائي قراءة عبد الله بن عامر وقد تقدمت ترجمته . وروى عن يحيى الذماري أيضا عراك المروزي الذي روى عنه أبو الوليد هشام بن عمار الدمشقي الراوي الثاني لابن عامر وستأتي ترجمته .

توفي الإمام عبد الله بن عامر بدمشق يوم عاشوراء ثمان عشرة ومائة للهجرة رضي الله تعالى عنه وألحقه بالصالحين وألحقنا معه بمنه وكرمه آمين .

انظر غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (423 - 425) تقدم .

وانظر النشر للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (144) تقدم .

وانظر سراج القاري (شرح الشاطبية) لابن القاصح ص (11) تقدم .

72- سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما :

هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب الإمام رضي الله عنهما العدوي المدني الفقيه ، أحد الأعلام في العلم والعمل شهد الخندق وهو من أهل بيعة الرضوان وممن كان يصلح للخلافة ، فعين لذلك يوم الحكمين مع وجود مثل الإمام علي وفاتح العراق سعد ونحوهما - رضي الله عنهما - ومناقبه جمة أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بالصلاح .

وقال سلام بن مسكين : سمعت الحسن يقول : أتوا ابن عمر فقالوا : أنت سيد الناس وابن سيدهم والناس بك راضون اخرج نبايعك فقال : لا والله لا يهراق في محجمة دم .

وروى ابن عيينة عن عمر بن محمد بن زيد سمعت أبي يقول : ما ذكر ابن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا بكى . وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه ، وما أحسن قول سفيان الثوري يقتدى بعمر في الجماعة وبابنه في الفرقة .

[ ص: 667 ] وقال عتيق بن يعقوب : سمعت مالكا يقول : قال لي ابن شهاب : لا تعدلن برأي ابن عمر فإنه أقام ستين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخف عليه شيء من أمره ولا من أمر أصحابه .

وقال يحيى بن يحيى التميمي قلت لمالك : أليس قلت سمعت المشايخ يقولون : من أخذ بقول ابن عمر لم يدع من الاستقصاء شيئا؟ قال : نعم . والآثار في مثل هذا كثيرة متوافرة .

توفي ابن عمر رضي الله عنهما في أول سنة أربع وسبعين للهجرة وهو شقيق أم المؤمنين حفصة رضي الله عنهما .

انظر تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الأول (37 - 40) تقدم .

73- الإمام عبد الله بن كثير المكي أحد الأئمة السبعة رضي الله تعالى عنه .

الإمام عبد الله بن كثير المكي أحد الأئمة السبعة رضي الله تعالى عنه :

هو عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز الإمام أبو معبد المكي الداري إمام أهل مكة في القراءة . اختلف في كنيته والصحيح ما قدمناه وقيل له الداري لأنه كان عطارا . والعطار تسميه العرب داريا نسبة إلى دارين موضع بالبحرين يجلب منه الطيب .

ولد بمكة سنة خمس وأربعين ولقي بها عبد الله بن الزبير وأبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك ومجاهد بن جبر ، ودرباس مولى عبد الله بن عباس وروى عنهم .

وأخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن السائب وعرض أيضا على مجاهد بن جبر ودرباس مولى ابن عباس . وورى القراءة عنه خلق كثير منهم : إسماعيل بن عبد الله القسط وإسماعيل بن مسلم وجرير بن حازم والحارث بن قدامة والخليل بن أحمد وسليمان بن المغيرة وشبل بن عباد وابنه صدقة بن عبد الله وعبد الملك بن جريج عيسى بن عمر الثقفي ومعروف بن مشكان وهارون بن موسى وابن أبي فديك وابن أبي مليكة وسفيان بن عيينة وأبو عمرو بن العلاء البصري - الإمام - وخلق غير هؤلاء .

وكان ابن كثير فصيحا بليغا مفوها أبيض اللحية طويلا جسيما أشهل العينين يخضب بالحناء عليه السكينة والوقار .

[ ص: 668 ] قال الأصمعي قلت لأبي عمرو قرأت على ابن كثير؟ قال : نعم ختمت على ابن كثير بعد ما ختمت على مجاهد . وكان ابن كثير أعلم بالعربية من مجاهد . وقال ابن مجاهد ولم يزل عبد الله هو الإمام المجتمع عليه في القراءة بمكة حتى مات سنة عشرين ومائة للهجرة وقال سفيان بن عيينة : حضرت جنازة ابن كثير الداري سنة عشرين ومائة ا هـ رحمه الله رحمة واسعة وطيب ثراه ، انتهى ملخصا من غاية النهاية الجزء الأول ص (443 - 445) تقدم .

74- أبو سالم العياشي :

هو أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي المغربي المالكي
الأديب الإمام الحجة الثبت أحد من أحيا الله بهم طريقة الرواية بعد أن كانت شمسها على أطراف النخيل وجدد من فنون الأمر كل رسم محيل . قرأ بفاس على الإمام الأبار والشيخ ميارة وأبي زيد بن القاضي وأبي محمد عبد القادر الفاسي وهو عمرته وأجازه إجازة عامة . وأخذ ببلده عن والده وغيره وحج مرارا وجاور بالحرمين وبالقدس والخليل. وأخذ عن الشيخ علي الأجهوري والإمام ابن مهل عيسى بن محمد الثعالبي وأبي إسحاق الشهرزوري وغيرهم ممن اشتملت عليه رحلته وفهارسه .

وكان رحمه الله تعالى من أهل الخير والصلاح متسما بالزهد والورع وله تآليف حسنة منها : " منظومة البيوع وشرحها " و " تنبيه ذوي الهمم العالية عن الزهد في الدنيا الفانية " و " تأليف في معنى لو الشرطية " و " كتاب الحكم بالعدل والإنصاف واقتفاء الأثر " و " تحفة الأخلاء بأسانيد الأجلاء " و " ورحلته المسماة بماء الموائد " وهي رحلة بعيدة . وله غير ذلك وله شعر حسن .

ولد رحمه الله تعالى سنة 1037 هـ سبع وثلاثين وألف من الهجرة . وتوفي في ذي القعدة الحرام عام 1090 هـ تسعين وألف من الهجرة ا هـ من الصفوة باختصار .

أفدناه من كتاب المترجم له " المرحلة العياشية ماء الموائد " مختصرا من الصحيفة الأولى وسبقت الإشارة إليها فيما سبق .

[ ص: 669 ] 75- سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

هو عبد الله بن مسعود بن الحارث بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر أبو عبد الرحمن الهذلي المكي أحد السابقين والبدريين والعلماء الكبار من الصحابة أسلم قبل عمر ، عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه خلق كثير منهم : الحارث بن قيس وزر بن حبيش وعبيد بن قيس وعبيد بن فضلة وعمرو بن شرحبيل وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو عمرو الشيباني وغيرهم .

وكان آدم خفيف اللحم لطيف القد أحمش الساقين حسن البزة طيب الرائحة موصوفا بالذكاء والفطنة وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ويلزمه ويحمل نعله ويتولى فراشه ووساده وسواكه وطهوره وكان صلى الله عليه وسلم يطلعه على أسراره ونجواه . وكانوا لا يفضلون عليه في العلم ، وروى عبيدة السمعاني عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وسمعه صلى الله عليه وسلم يدعو فقال : سل تعطه ، وقال لرجل عبد الله في الميزان أثقل من أحد . وقال حذيفة : ما أعلم أحدا أقرب سمتا ولا هديا ولا دلا برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد وهو الذي اجتز رأس أبي جهل وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم . . وكان مع ذلك هو الإمام في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيله مع حسن الصوت حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد " ومناقبه جمة . . . وإليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش ، وفد من الكوفة إلى المدينة فمات بها آخر سنة اثنتين وثلاثين ودفن في البقيع وله بضع وستون سنة . ولما جاء نعيه إلى أبي الدرداء قال : ما ترك بعده مثله رحمه الله تعالى رحمة واسعة ا هـ مختصرا من غاية النهاية الجزء الأول ص (258 - 259) تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية