[ ص: 265 ] شرح إعراب سورة ليلة القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا [1] أصله ( إننا ) فحذفت النون لاجتماع النونات؛ ولأنها زائدة ( أنزلناه ) النون والألف في موضع رفع بالفعل، وأسكنت اللام لاتصالها بالمضمر المرفوع اتباعا لما تتوالى فيه الحركات، والهاء في موضع نصب، وحذفت الواو بعدها لسكونها وسكون الألف، وأن الهاء ليست بحاجز حصين لخفائها وبعدها، وقيل: لاجتماع حرفي مد ولين فحذف أحدهما، والهاء كناية عن القرآن وإن كان لم يتقدم له ذكر في هذه السورة، وأكثر النحويين يقولون: لأنه قد عرف المعنى، كما قال:
580 - ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
ومن العلماء من يقول: جازت الكناية في أول السورة؛ لأن القرآن كله
[ ص: 266 ] بمنزلة سورة واحدة؛ لأنه أنزل جملة إلى السماء الدنيا، وسنذكر هذا بإسناده.
وقول ثالث بين حسن: وهو ( إنا أنزلناه ) يدل على الإنزال والمنزل، كما حكى النحويون: من كذب كان شرا له؛ لأن كذب يدل على الكذب.
وأخفيت ليلة القدر على الناس إلا ما جاء في الحديث من أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقيل: إنما أخفيت لفضل العمل فيها؛ لئلا يدع الناس العمل في غيرها والاجتهاد ويتكلوا على فضل العمل فيها، وقيل: لأنها مختلفة تكون في سنة لثلاث وعشرين، ثم يكون في غيرها.
وأما الحديث في تنزيل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر فصحيح غير مدفوع عند أهل السنة، وإنما يدفعه قول من أهل الأهواء، كما قرئ على
محمد بن جعفر بن حفص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17409يوسف بن موسى قال: حدثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله: (
إنا أنـزلناه في ليلة القدر ) قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا فكان بموقع النجوم، وكان الله ينزله على رسوله بعضه في إثر بعض فقالوا: (
لولا نـزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا [ ص: 267 ] فأما
تسميتها بليلة القدر ففيه قولان: أحدهما أنها ليلة الجلالة والتعظيم من قولهم: لفلان القدر. والقول الآخر - وهو الذي عليه العلماء المتقدمون - أنها سميت ليلة القدر؛ لأنها تقدر فيها آجال العباد وأرزاقهم، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : يقدر في ليلة القدر ما يكون إلى السنة الأخرى من الآجال والأرزاق.