وقوله - عز وجل - :
والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ؛ " الذين " ؛ في وضع رفع؛ المعنى : " ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ضرارا " ؛ انتصب " ضرارا " ؛ مفعولا له؛ المعنى : " اتخذوه للضرار؛ والكفر؛ والتفريق؛ والإرصاد " ؛ فلما حذفت اللام أفضى الفعل فنصب؛ ويجوز أن يكون مصدرا محمولا على المعنى; لأن اتخاذهم المسجد على غير التقوى معناه : " ضاروا به ضرارا " ؛ وتفسير الآية أن قوما من منافقي
الأنصار أرادوا أن يفرقوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من يصلي معه من المؤمنين؛ فاتخذوا مسجدا يقطعون به المؤمنين والنبي - صلى الله عليه وسلم - عن مسجد "
قباء " ؛
وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ؛ كان رجل يقال له :
أبو عامر الراهب؛ حارب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومضى إلى
هرقل؛ وكان أحد المنافقين؛ فقالوا : نبني هذا المسجد؛ وننتظر
أبا عامر حتى يجيء؛ فيصلي فيه؛ فـ " الإرصاد " : الانتظار.
[ ص: 469 ] واتخذوا هذا المسجد مضارة وكفرا؛ لأن عناد النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر ؛ وأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على طويتهم؛ وعلى أنهم سيحلفون كاذبين؛ فقال - جل وعز - :
وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون ؛ وكانوا دعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصلي فيه؛ فأنزل الله - جل ثناؤه - :
لا تقم فيه أبدا ؛ ثم بين الله - عز وجل - أي المسجدين أحق بالقيام فيه؛ فقال :
لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ؛ يعني به مسجد " قباء " ؛
أحق أن تقوم فيه ؛ و " أن " ؛ في موضع نصب؛ المعنى : " لمسجد أسس على التقوى أحق بأن تقوم فيه " ؛
فيه رجال يحبون أن يتطهروا ؛ يروى
nindex.php?page=hadith&LINKID=695783أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف بباب المسجد فقال : " إن الله أحسن عليكم الثناء في طهوركم؛ فبم تطهرون؟ " ؛ فقالوا : نغسل أثر الغائط بالماء؛ وهؤلاء قوم من الأنصار .