وقوله - عز وجل -:
وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ؛ الإخبار في هذا عن أهل الكتاب؛ وعقد النصارى معهم في قوله: " وقالوا " ؛ لأن الفريقين يقرآن التوراة؛ ويختلفان في تثبيت رسالة موسى؛
وعيسى ؛ فلذلك قال الله - عز وجل -: " وقالوا " ؛ فأجملوا؛ فالمعنى أن اليهود قالت: " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا " ؛ والنصارى قالت: " لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا " ؛ وجاز أن يلفظ بلفظ جمع؛ لأن معنى " من " ؛ معنى " جماعة " ؛ فحمل الخبر على المعنى؛ والمعنى: " إلا الذين كانوا هودا؛ وكانوا نصارى " ؛ وهو جمع " هائد " ؛ و " هود " ؛ مثل " حائل " ؛ و " حول " ؛ و " بازل " ؛ و " بزل " ؛ وقد فسرنا واحد النصارى؛ وجمعه؛ فيما مضى من الكتاب. وقوله - عز وجل -:
تلك أمانيهم ؛ هذا كما يقال للذي يدعي ما لا يبرهن حقيقته: " إنما أنت متمن " ؛ و " أمانيهم " ؛ مشددة؛ ويجوز في العربية: " تلك أمانيهم " ؛ ولكن القراءة بالتشديد؛ لا غير؛ للإجماع عليه؛ ولأنه أجود في العربية. وقوله - عز وجل -:
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ؛ أي: إن كنتم عند أنفسكم صادقين؛ فبينوا ما الذي دلكم على ثبوت الجنة لكم.