وقوله - عز وجل -:
أولئك على هدى من ربهم ؛ موضع " أولئك " : رفع بالابتداء؛ والخبر: " على هدى من ربهم " ؛ إلا أن أولئك لا يعرب؛ لأنه اسم للإشارة؛ وكسرت الهمزة فيه لالتقاء الساكنين؛ وكذلك قوله:
وأولئك هم المفلحون ؛ إلا أن " هم " ؛ دخلت فصلا؛ وإن شئت كانت تكريرا للاسم؛ كما تقول: " زيد هو العالم " ؛ فترفع " زيدا " ؛ بالابتداء؛ وترفع " هو " ؛ ابتداء ثانيا؛ وترفع " العالم " ؛ خبرا ل " هو " ؛ و " العالم " ؛ خبرا ل " زيد " ؛ فكذلك قوله: " وأولئك هم المفلحون " ؛ وإن شئت جعلت " هو " ؛ فصلا؛ وترفع " زيدا " و " العالم " ؛ على الابتداء وخبره؛ والفصل هو الذي يسميه الكوفيون " عمادا " .
nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه يقول: إن الفصل لا يصلح إلا مع الأفعال التي لا تتم؛ نحو: " كان زيد هو العالم " ؛ و " ظننت زيدا هو العالم " ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : دخل الفصل في قوله - عز وجل -:
تجدوه عند الله هو خيرا ؛ وفي قوله:
ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم ؛ وفي قوله:
ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنـزل إليك من ربك هو الحق ؛ وفي قوله:
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ؛
[ ص: 75 ] وما أشبه هذا؛ مما ذكر الله - عز وجل.
وكذلك لك في الكلام في الابتداء والخبر؛ وفي قولك: " كان زيد هو العالم " ؛ ذكر " هو " ؛ و " أنت " ؛ و " أنا " ؛ و " نحن " ؛ دخلت إعلاما بأن الخبر مضمون؛ وأن الكلام لم يتم؛ وموضع دخولها إذا كان الخبر معرفة؛ أو ما أشبه المعرفة؛ وأن " هو " ؛ بمنزلة " ما " ؛ اللغو؛ في قوله - عز وجل -:
فبما رحمة من الله لنت لهم ؛ فإنما دخولها مؤكدة. وقوله - عز وجل -:
المفلحون ؛ يقال لكل من أصاب خيرا: " مفلح " ؛ وقال - عز وجل -:
قد أفلح المؤمنون ؛ وقال:
قد أفلح من زكاها ؛ والفلاح: البقاء؛ قال
لبيد بن ربيعة :
[ ص: 76 ] نحل بلادا كلها حل قبلنا ... ونرجو الفلاح بعد عاد وتبعا
أي: نرجو البقاء؛ وقال
عبيد: أفلح بما شئت فقد يد ... رك بالضعف وقد يخدع الأريب
أي: أصب خيرا بما شئت؛ و " الفلاح " : الأكار؛ والفلاحة صناعته؛ وإنما قيل له: " الفلاح " ؛ لأنه يشق الأرض؛ ويقال: " فلحت الحديد " ؛ إذا قطعته؛ قال الشاعر:
قد علمت خيلك أني الصحصح ... إن الحديد بالحديد يفلح
ويقال للمكاري: " الفلاح " ؛ وإنما قيل له: " فلاح " ؛ تشبيها بالأكار؛ قال الشاعر:
لها رطل تكيل الزيت فيه ... وفلاح يسوق لها حمارا