وقوله - عز وجل -:
إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ؛ نصب " بشيرا " ؛ و " نذيرا " ؛ على الحال؛ ومعنى " بشيرا " ؛ أي: مبشرا المؤمنين بما لهم من الثواب؛ وينذر المخالفين بما أعد لهم من العقاب. وقوله - عز وجل -:
ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ؛ وتقرأ " ولا تسأل " ؛ ورفع القراءتين جميعا من جهتين؛ إحداهما أن يكون " ولا تسأل " ؛ استئنافا؛ كأنه قيل: " ولست تسأل عن أصحاب الجحيم " ؛ كما قال - عز وجل -:
فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ؛ ويجوز أن يكون له الرفع على الحال؛ فيكون المعنى: " أرسلناك غير سائل عن أصحاب الجحيم " ؛ ويجوز أيضا: " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " ؛ وقد قرئ به؛ فيكون جزما ب " لا " ؛ وفيه قولان؛ على ما توجبه اللغة: أن يكون أمره الله بترك المسألة؛ ويجوز أن يكون النهي لفظا؛ ويكون المعنى على تفخيم ما أعد لهم من العقاب؛ كما يقول لك القائل الذي تعلم أنت أنه يجب أن يكون من تسأل عنه في حال جميلة؛ أو حال قبيحة؛ فتقول: " لا تسأل عن فلان " ؛ أي: قد صار إلى أكثر مما تريد؛ ويقال: " سألته؛ أسأله؛ مسألة؛ وسؤالا " ؛ والمصادر على " فعال " ؛ تقل في غير
[ ص: 201 ] الأصوات؛ والأدواء؛ فأما في الأصوات فنحو: " الدعاء " ؛ و " البكاء " ؛ و " الصراخ " ؛ وأما في الأدواء فنحو: " الزكام " ؛ و " السعال " ؛ وما أشبه ذلك؛ وإنما جاء في السؤال لأن السؤال لا يكون إلا بصوت.