قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين ؛ أي: مثل هذا الجزاء نجزي الظالمين؛ وكان جزاء السارق عندهم أن يستعبد بسرقته؛ يصير عبدا؛ لأنه سرق.
فأما رفع "قالوا جزاؤه من وجد في رحله"؛ فمن جهتين؛ إحداهما أن "هو جزاؤه"؛ ابتداء؛ ويكون "من وجد في رحله"؛ الخبر؛ ويكون المعنى: "جزاء السرق الإنسان الموجود في رحله السرق"؛ ويكون قوله: "فهو جزاؤه"؛ زيادة في الإبانة؛ كما تقول: "جزاء السارق القطع؛ فهو جزاؤه؛ فهذا جزاؤه"؛ زيادة في الإبانة.
ويجوز أن يكون يرتفع بالابتداء؛ ويكون "من وجد في رحله فهو جزاؤه"؛ هذه الجملة خبر الجزاء؛ والعائد عليه من الجملة "جزاؤه"؛ الذي بعد قوله: "فهو"؛ كأنه قيل: "قالوا: جزاؤه من وجد في رحله فهو هو"؛ أي: "فهو الجزاء"؛ ولكن الإظهار كان أحسن ههنا؛ لئلا يقع في الكلام لبس؛ ولئلا يتوهم أن "هو"؛ إذا عادت ثانية فليست براجعة على الجزاء؛ والعرب إذا أقحمت أمر الشيء جعلت العائد عليه إعادة لفظه بعينه؛ أنشد جميع النحويين:
[ ص: 122 ] لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
ولم يقل: "لا أرى الموت يسبقه شيء".