قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف ؛
[ ص: 126 ] معنى "تالله": "والله"؛ و"لا"؛ مضمرة؛ المعنى: "والله لا تفتأ تذكر
يوسف "؛ أي: "لا تزال تذكر
يوسف" ؛
حتى تكون حرضا ؛ و"الحرض": الفاسد في جسمه؛ أي: "حتى تكون مدنفا مريضا"؛ و"الحرض": الفاسد في أخلاقه؛ وقولهم: "حرضت فلانا على فلان"؛ تأويله: أفسدته عليه.
وإنما جاز إضمار "لا"؛ في قوله: "تالله تفتأ تذكر
يوسف "؛ لأنه لا يجوز في القسم "تالله تفعل"؛ حتى تقول "لتفعلن"؛ أو "لا تفعل"؛ والقسم لا يجوز للناس إلا بالله - عز وجل -؛ لا يجوز أن يحلف الرجل بأبيه؛ ولا ينبغي أن يحلف بالأنبياء؛ ولا يحلف إلا بالله؛ ويروى
nindex.php?page=hadith&LINKID=656852عن النبي - عليه السلام - أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : "لا تحلفوا بآبائكم؛ ومن كان حالفا فليحلف بالله" .
فإن قال القائل: فما مجاز القسم في كتاب الله - عز وجل - في قوله:
والليل إذا يغشى ؛
والسماء ذات البروج ؛
والتين والزيتون ؛ وما أشبه هذه الأشياء التي ذكرها الله - جل جلاله - في كتابه؟ ففيها أوجه؛ كلها قد ذكرها البصريون؛ فقالوا: جائز أن يكون الله - عز وجل - أقسم بها لأن فيها كلها دليلا عليه؛ وآيات بينات؛ قال الله - عز وجل -:
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ؛ إلخ؛ الآية.
وقال:
وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات ؛ فكان القسم بهذا يدل على عظمة الله؛ وقال
قطرب : جائز أن يكون معناها: "ورب الشمس وضحاها"؛ "ورب التين والزيتون"؛ كما قال:
والسماء ذات البروج ؛ وقال:
والأرض وما طحاها [ ص: 127 ] وقال:
فورب السماء والأرض إنه لحق ؛ وقالوا أيضا: جائز أن يكون "وخلق السماوات والأرض"؛ "وخلق التين والزيتون"؛ وقالوا: يجوز أن يكون لما كان معنى القسم معنى التحقيق؛ وأن هذه الأشياء التي أقسم الله بها حق كلها؛ وكذلك ما أقسم عليه حق؛ فالمعنى: "كما أن التين والزيتون حق؛ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"؛ وأجود هذه الأقوال ما بدأنا به في أولها.