وقوله:
والأنعام خلقها لكم فيها دفء ؛ نصب "الأنعام"؛ على فعل مضمر؛ المعنى: "خلق الأنعام خلقها"؛ مفسر للمضمر؛ و"الدفء": ما يدفئهم من أوبارها؛ وأصوافها؛ وأكثر ما تستعمل "الأنعام"؛ في الإبل خاصة؛ وتكون للإبل؛ والغنم؛ والبقر؛ فأخبر الله - عز وجل - أن في الأنعام ما يدفئنا؛ ولم يقل: "لكم فيها ما يكنكم ويدفئكم من البرد"؛ لأن ما ستر
[ ص: 191 ] من الحر؛ ستر من البرد؛ وما ستر من البرد ستر من الحر؛ قال الله - عز وجل - في موضع آخر:
سرابيل تقيكم الحر ؛ فعلم أنها تقي البرد أيضا؛ وكذلك إذا قيل:
لكم فيها دفء ؛ علم أنها تستر من البرد؛ وتستر من الحر.
وقوله:
ومنافع ؛ أي: ومنافعها: ألبانها؛ وأبوالها؛ وغير ذلك؛
ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ؛ "الإراحة": أن تروح الإبل من مراعيها إلى الموضع الذي تقيم فيه؛
وحين تسرحون ؛ أي: حين تخلونها للرعي؛ وفيما ملكه الإنسان جمال وزينة؛ كما قال - عز وجل -:
المال والبنون زينة الحياة الدنيا ؛ والمال ليس يخص الورق؛ والعين؛ دون الأملاك؛ وأكثر مال العرب الإبل؛ كما أن أكثر أموال أهل
البصرة النخل؛ إنما يقولون: "مال فلان بموضع كذا وكذا"؛ يعنون النخل.