وقوله:
ولا تقف ما ليس لك به علم ؛ أي: "لا تقولن في شيء بما لا تعلم"؛ فإذا نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حكمته؛ وعلمه؛ وتوفيق الله إياه - أن يقول بما لا يعلم؛ فكيف سائر أمته؛ والمسرفين على أنفسهم؟! يقال: "قفوت الشيء؛ أقفوه؛ قفوا"؛ إذا اتبعت أثره؛ فالتأويل: "لا تتبعن لسانك من القول ما ليس لك به علم"؛ وكذلك من جميع العقل؛
إن السمع والبصر والفؤاد ؛ شواهد عليك؛ قال الله - عز وجل -:
يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ؛ فالجوارح شواهد على ابن آدم بعمله؛ ويقرأ: "ولا تقف ما ليس لك به علم" ؛ بإسكان الفاء؛ وضم القاف؛ من "قاف؛ يقوف"؛ وكأنه مقلوب من "قفا؛ يقفو"؛ لأن المعنى واحد.
وقوله:
كل أولئك كان عنه مسؤولا ؛ فقال: "مسؤولا"؛ وقال: "كان"؛ لأن "كل"؛ في لفظ الواحد; فقال: "أولئك"؛ لغير الناس؛ لأن كل جمع أشرت إليه من الناس وغيرهم؛ ومن الموات؛ فلفظه "أولئك"؛ قال
جرير :
[ ص: 240 ] ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام