ذكر رحمت ربك عبده زكريا ؛ "ذكر"؛ مرتفع بالمضمر؛ المعنى: "هذا الذي نتلوه عليك ذكر رحمة ربك عبده بالرحمة"؛ لأن ذكر الرحمن إياه لا يكون إلا بالله - عز وجل -؛ والمعنى: "ذكر ربك عبده بالرحمة"؛ و"زكريا"؛ يقرأ على وجهين: بالقصر؛ والمد.
فأعلم الله - جل وعز - على لسان نبيه - عليه السلام - وصية
زكريا ؛
ويحيى ؛ ليعلم أهل الكتاب أن
محمدا - عليه السلام - قد أوحي إليه؛ وأنزل عليه ذكر من مضى من الأنبياء؛ وأنهم يجدون ذلك في كتبهم على ما ذكر - صلى الله عليه وسلم -؛ وهو لم يتل كتابا؛ ولا خطه بيمينه؛ وأنه لم يعلم ذلك إلا من قبل الله (تعالى)؛ وكان إخباره بهذا وما أشبهه؛ على هذه الصفة؛ دليلا على نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
وقال بعض أهل اللغة: إن قوله:
ذكر رحمت ربك عبده زكريا ؛ يرتفع بـ "كهيعص"؛ وهذا محال؛ لأن "كهيعص"؛ ليس هو فيما أنبأنا الله - عز وجل - به عن
زكريا ؛ وقد بين في السورة ما فعله به؛ وبشره به؛ ولم يجئ في شيء من التفسير أن "كهيعص"؛ هو قصة
زكريا ؛ ولا
يحيى ؛ ولا شيء منه؛ وقد أجمع
[ ص: 319 ] القائل لهذا القول؛ وغيره أن رفعه بالإضمار هو الوجه.