وقوله - عز وجل -:
قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ؛ هذا لفظ أمر في معنى الخبر؛ وتأويله أن الله - عز وجل - جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها؛ ويمده فيها؛ كما قال - جل وعز -:
من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ؛ إلا أن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر؛ كأن لفظ الأمر يريد به المتكلم نفسه إلزاما؛ كأنه يقول: "أفعل ذلك وآمر نفسي به"؛ فإذا قال القائل: "من رآني فلأكرمه"؛ فهو ألزم من قوله: "أكرمه"؛ كأنه قال: "من زارني فأنا آمر نفسي بإكرامه؛ وألزمها ذلك.
وقوله:
إما العذاب وإما الساعة ؛ "العذاب"؛ و"الساعة"؛ منصوبان على البدل من "ما يوعدون"؛ المعنى: "حتى إذا رأوا العذاب أو رأوا الساعة"؛ فالعذاب ههنا ما وعدوا به من نصر المؤمنين عليهم؛ فإنهم يعذبونهم قتلا وأسرا؛ و"الساعة"؛ يعنى بها يوم القيامة؛ وبما وعدوا به فيها من الخلود في النار؛
فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ؛ أي: فسيعلمون بالنصر؛ والقتل؛ أنهم أضعف جندا من جند النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين؛ ويعلمون بمكانهم من جهنم؛ ومكان المؤمنين من الجنة؛ من هو شر مكانا.