وقوله - عز وجل -:
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ؛ المعنى: إذا قال قائل: " أين الله؟ " ؛ فالله - عز وجل - قريب؛ لا يخلو منه مكان؛ كما قال:
ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ؛ وكما قال:
وهو معكم أين ما كنتم [ ص: 255 ] وقوله - عز وجل -:
أجيب دعوة الداع إذا دعان ؛ إن شئت قلت: " إذا دعاني " ؛ بياء؛ وإن شئت بغير ياء؛ إلا أن المصحف يتبع؛ فيوقف على الحرف كما هو فيه؛ ومعنى الدعاء لله - عز وجل - على ثلاثة أضرب: فضرب منها توحيده؛ والثناء عليه؛ كقولك: " يا الله؛ لا إله إلا أنت " ؛ وقولك: " ربنا لك الحمد " ؛ فقد دعوته بقولك " ربنا " ؛ ثم أتيت بالثناء؛ والتوحيد؛ ومثله:
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ؛ أي: يستكبرون عن توحيدي؛ والثناء علي؛ فهذا ضرب من الدعاء؛ وضرب ثان هو مسألة الله العفو؛ والرحمة؛ وما يقرب منه؛ كقولك: " اللهم اغفر لنا " ؛ وضرب ثالث هو مسألته من الدنيا؛ كقولك: " اللهم ارزقني مالا؛ وولدا " ؛ وما أشبه ذلك؛ وإنما سمي هذا أجمع " دعاء " ؛ لأن الإنسان يصدر في هذه الأشياء بقوله: " يا الله " ؛ و " يا رب " ؛ و " يا حي " ؛ فكذلك سمي " دعاء " . وقوله - عز وجل -:
فليستجيبوا لي ؛ أي: فليجيبوني؛ قال الشاعر:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب
أي: فلم يجبه أحد.