1. الرئيسية
  2. معاني القرآن وإعرابه للزجاج
  3. سورة الحج
  4. قوله تعالى ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب

معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ؛ والسجود ههنا: الخضوع لله - عز وجل -؛ وهي طاعة ممن خلق الله من الحيوان والموات.

والدليل على أنه سجود طاعة؛ قوله: وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ؛ هذا أجود الوجوه؛ أن يكون تسجد مطيعة لله - عز وجل -؛ كما قال الله (تعالى): فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ؛ وكما قال: "وإن منها - يعني الحجارة - لما يهبط من خشية الله"؛ فالخشية لا تكون إلا لما أعطاه الله؛ مما يختبر به خشيته.

وقال قوم: السجود من هذه الأشياء التي هي موات؛ ومن الحيوان؛ الذي لا يعقل؛ إنما هو أثر الصنعة فيها؛ والخضوع الذي يدل على أنها مخلوقة؛ واحتجوا في ذلك بقول الشاعر:


بجيش يضل البلق في حجراته ترى الأكم فيها سجدا للحوافر

أي: قد خشعت من وطء الحوافر عليها؛ وذلك القول؛ الذي قالوه؛ لأن السجود الذي هو طاعة عندهم؛ إنما يكون ممن يعقل؛ والذي يكسر هذا ما وصف الله - عز وجل - من أن من الحجارة لما يهبط من خشية الله؛ والخشية والخوف ما عقلناه إلا للآدميين؛ وقد أعلمنا الله - عز وجل - أن من الحجارة [ ص: 419 ] ما يخشاه؛ وأعلمنا أنه سخر مع داود الجبال؛ والطير؛ تسبح معه؛ فلو كان تسبيح الجبال والطير أثر الصنعة؛ ما قيل: "سخرنا"؛ ولا قيل: "مع داود الجبال"؛ لأن أثر الصنعة يتبين مع داود وغيره؛ فهو سجود طاعة لا محالة؛ وكذلك التسبيح في الجبال؛ والطير؛ ولكنا لا نعلم تسبيحها إلا أن يجيئنا في الحديث كيف تسبيح ذلك؛ وقال الله - عز وجل -: وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم

التالي السابق


الخدمات العلمية