وقوله - عز وجل -:
زين للذين كفروا الحياة الدنيا ؛ رفع على ما لم يسم فاعله؛ و " زين " ؛ جاز فيه لفظ التذكير؛ ولو كانت: " زينت " ؛ لكان صوابا؛ و " زين " ؛ صواب حسن؛ لأن تأنيث الحياة ليس بحقيقي؛ لأن معنى الحياة ومعنى العيش واحد؛ وقد فصل أيضا بين الفعل؛ وبين الاسم المؤنث.
[ ص: 282 ] وقيل في قوله:
زين للذين كفروا الحياة الدنيا ؛ قولان: قال بعضهم: زينها لهم إبليس؛ لأن الله - عز وجل - قد زهد فيها؛ وأعلم أنها متاع الغرور؛ وقال بعضهم: معناه أن الله - عز وجل - خلق فيها الأشياء المعجبة؛ فنظر إليها الذين كفروا بأكثر من مقدارها؛ ودليل قول هؤلاء قوله (تعالى):
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ؛ وكل جائز. وقوله - عز وجل -:
ويسخرون من الذين آمنوا ؛ كان قوم من المشركين يسخرون من المسلمين؛ لأن حالهم في ذات اليد كانت قليلة؛ فأعلم الله - عز وجل - بأن الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة؛ لأن المسلمين في عليين؛ والفجار في الجحيم؛ قال الله - عز وجل -
إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ؛ ومعنى:
والله يرزق من يشاء بغير حساب ؛ أي: ليس يرزق المؤمن على قدر إيمانه؛ ولا يرزق الكافر على قدر كفره؛ فهذا معنى " بغير حساب " ؛ أي: ليس يحاسبه بالرزق في الدنيا على قدر العمل؛ ولكن الرزق في الآخرة على قدر العمل؛ وما يتفضل الله به - جل وعز.