وقوله (تعالى):
وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ؛ أخرجه المفسرون على جهة الإنكار أن تكون تلك نعمة؛ كأنه قال: " فأية نعمة لك علي في أن عبدت بني إسرائيل؟! " ؛ واللفظ لفظ خبر؛ والمعنى يخرج
[ ص: 87 ] على ما قالوا؛ على أن لفظه لفظ الخبر؛ وفيه تبكيت للمخاطب؛ كأنه قال له: " هذه نعمة أن اتخذت بني إسرائيل عبيدا " ؛ على جهة التبكيت
لفرعون؛ واللفظ يوجب أن
موسى - صلى الله عليه وسلم - قال: " هذه نعمة لأنك اتخذت بني إسرائيل عبيدا ولم تتخذني عبدا " ؛ ويقال: " عبدت الرجل " ؛ و " أعبدته " : اتخذته عبدا؛ وموضع " أن " : رفع؛ على البدل من " نعمة " ؛ كأنه قال: " وتلك نعمة تعبدك بني إسرائيل؛ وتركك إياي غير عبد " ؛ ويجوز أن يكون " أن " ؛ في موضع نصب؛ المعنى: " إنما صارت نعمة علي لأن عبدت بني إسرائيل " ؛ أي: " لو لم تفعل ما فعلت لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم؛ فإنما صارت نعمة بما فعلت من البلاء " ؛ وقال الشاعر - في " أعبدت " : اتخذت عبدا -:
علام يعبدني قومي وقد كثرت ... فيهم أباعر ما شاؤوا وعبدان؟