معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ؛ ويروى أنه كان معها ألف قيل؛ و " القيل " : الملك؛ ومع كل قيل ألف رجل؛ وقيل: مائة ألف رجل؛ وأكثر الرواية مائة ألف رجل؛ وقوله: حتى تشهدون ؛ بكسر النون؛ ولا يجوز فتح النون؛ لأن أصله: " حتى تشهدونني " ؛ فحذفت النون الأولى للنصب؛ وبقيت النون والياء للاسم؛ وحذفت الياء؛ لأن الكسرة تدل عليها؛ ولأنه آخر آية؛ ومن فتح النون فلاحن؛ لأن النون إذا فتحت فهي نون الرفع؛ وليس هذا من التي ترفع فيه " حتى " ؛ ويجوز: " أنه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم " ؛ بفتح الألف؛ فيكون موضع " أن " ؛ الرفع؛ على معنى: " ألقي إلي أنه من سليمان " ؛ ويجوز أن تكون " أن " ؛ في موضع نصب؛ على معنى: " كتاب كريم لأنه من سليمان؛ ولأنه بسم الله الرحمن الرحيم " ؛ فأما " ألا تعلوا علي " ؛ فيجوز أن يكون " أن " ؛ في موضع رفع؛ وفي موضع نصب؛ فالنصب على معنى " كتاب [ ص: 119 ] بألا تعلوا علي " ؛ أي: " كتب بترك العلو " ؛ ويجوز على معنى: " ألقي إلي ألا تعلوا علي " ؛ وفيها وجه آخر حسن؛ على معنى: " قال: لا تعلوا علي " ؛ وفسر سيبويه؛ والخليل أن " أن " ؛ في هذا الموضع في تأويل " أي " ؛ على معنى: " أي: لا تعلوا علي " ؛ ومثله من كتاب الله - عز وجل -: وانطلق الملأ منهم أن امشوا ؛ وتأويل " أي " ؛ ههنا تأويل القول والتفسير؛ كما تقول: " فعل فلان كذا وكذا؛ أي: إني جواد " ؛ كأنك قلت: " يقول: إني جواد " .

التالي السابق


الخدمات العلمية