وقوله - عز وجل -:
الله لا إله إلا هو الحي القيوم ؛ يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رحمة الله عليه - أنه قال: " أشرف آية في القرآن آية الكرسي " ؛ وإعراب " لا إله إلا هو " : النصب بغير تنوين في " إله " ؛ المعنى: " لا إله لكل مخلوق إلا هو " ؛ وهو محمول على موضع الابتداء؛ المعنى: " ما إله للخلق إلا هو " ؛ وإن قلت - في الكلام -: " لا إله إلا الله " ؛ جاز؛ أما القرآن فلا يقرأ فيه إلا بما قد قرأت القراء به؛ وثبتت به الرواية الصحيحة؛ ولو قيل - في الكلام - " لا رجل عندك إلا زيدا " ؛ جاز؛ و " لا إله إلا الله " ؛ جاز؛ ولكن الأجود ما في القرآن؛ وهو أجود أيضا في الكلام؛ قال الله - عز وجل -:
إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ؛ فإذا نصبت بعد " إلا " ؛ فإنما نصبت على الاستثناء. وقوله - عز وجل -:
الحي القيوم ؛ معنى " الحي " : الدائم البقاء؛ ومعنى " القيوم " : القائم بتدبير سائر أمر خلقه؛ ويجوز: " القيام " ؛ ومعناهما واحد؛ فهو الله - عز وجل - قائم بتدبير أمر الخلق في إنشائهم؛ ورزقهم؛ وعلمه
[ ص: 337 ] بأمكنتهم؛ وهو قوله - عز وجل -:
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ؛ ومعنى
لا تأخذه سنة ؛ أي: لا يأخذه نعاس؛
ولا نوم ؛ وتأويله أنه لا يغفل عن تدبير أمر الخلق؛ ومعنى:
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ؛ أي: لا يشفع عنده إلا بما أمر به من دعاء بعض المسلمين لبعض؛ ومن تعظيم المسلمين أمر الأنبياء؛ والدعاء لهم؛ وما علمنا من شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وإنما كان المشركون يزعمون أن الأصنام تشفع لهم؛ والدليل على ذلك قولهم:
ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ؛ وذلك قولهم:
ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ؛ فأنبأ الله - عز وجل - أن الشفاعة ليست إلا ما أعلم من شفاعة بعض المؤمنين لبعض في الدعاء؛ وشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومعنى:
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ؛ أي: يعلم الغيب الذي تقدمهم؛ والغيب الذي يأتي من بعدهم؛ ومعنى:
ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ؛ أي: لا يعلمون الغيب؛ لا مما تقدمهم؛ ولا مما يكون من بعدهم؛ ومعنى:
إلا بما شاء إلا بما أنبأ به؛ ليكون دليلا على تثبيت نبوتهم. وقوله - عز وجل -:
وسع كرسيه السماوات والأرض ؛ قيل فيه غير قول؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " كرسيه " : علمه ؛ ويروى عن
عطاء أنه
[ ص: 338 ] قال: " ما السماوات والأرض في الكرسي إلا حلقة في فلاة " ؛ وهذا القول بين؛ لأن الذي نعرفه من الكرسي في اللغة: الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه؛ فهذا يدل أن الكرسي عظيم؛ عليه السماوات والأرضون؛ و " الكرسي " ؛ في اللغة؛ و " الكراسة " : إنما هو الشيء الذي ثبت ولزم بعضه بعضا؛ و " الكرسي " : ما تلبد بعضه على بعض في آذان الغنم؛ ومعاطن الإبل؛ وقال قوم: " كرسيه " : قدرته التي بها يمسك السماوات والأرض؛ قالوا: وهذا قولك: " اجعل لهذا الحائط كرسيا " ؛ أي: اجعل له ما يعمده ويمسكه؛ وهذا قريب من قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رحمه الله -؛ لأن علمه الذي وسع السماوات والأرض لا يخرج من هذا؛ والله أعلم بحقيقة الكرسي؛ إلا أن جملته أنه أمر عظيم من أمره - جل وعز.
ومعنى:
ولا يئوده حفظهما ؛ أي: لا يثقله؛ فجائز أن تكون الهاء لله - عز وجل -؛ وجائز أن تكون للكرسي؛ وإذا كانت للكرسي فهو من أمر الله.