وقوله - عز وجل -:
إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ؛
[ ص: 238 ] روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس؛ nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير؛ أنهما قالا: " الأمانة " ؛ ههنا: الفرائض التي افترضها الله على عباده؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: " عرضت على
آدم الطاعة؛ والمعصية؛ وعرف ثواب الطاعة؛ وعقاب المعصية " ؛ وحقيقة هذه الآية - والله أعلم - وهو موافق للتفسير - أن الله - عز وجل - ائتمن بني
آدم على ما افترضه عليهم من طاعته؛ وائتمن السماوات والأرض والجبال على طاعته؛ والخضوع له؛ فأعلمنا الله أنه قال:
ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ؛ وأعلمنا أن من الحجارة ما يهبط من خشية الله؛ وأن الشمس؛ والقمر؛ والنجوم؛ والملائكة؛ وكثيرا من الناس يسجدون لله؛ فأعلمنا الله أن السماوات؛ والأرض؛ والجبال؛ لم تحتمل الأمانة؛ أي: أدتها؛ وكل من خان الأمانة فقد احتملها؛ وكذلك كل من أثم فقد احتمل الإثم؛ قال الله - عز جل -:
وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ؛ فأعلم الله أن من باء بالإثم يسمى حاملا للإثم؛ فالسماوات والأرض والجبال أبين أن يحملن الأمانة؛ وأدينها؛ وأداؤها: طاعة الله فيما أمر به؛ والعمل به؛ وترك المعصية؛ وحملها الإنسان؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: الكافر؛ والمنافق حملا الأمانة؛ ولم يطيعا؛ فهذا المعنى - والله أعلم -؛ ومن أطاع من الأنبياء؛ والصديقين؛ والمؤمنين؛ فلا يقال: " كان ظلوما جهولا " ؛ وتصديق ذلك ما يتلو هذه الآية من قوله:
ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما