وقوله - تبارك اسمه -:
أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ؛ فالمعنى: أنفقوا من جيد ما كسبتموه من تجارة؛ ومن ورق؛ وعين؛ وكذلك من جيد الثمار؛ ومعنى " أنفقوا " : تصدقوا؛ وكان قوم أتوا في الصدقة برديء الثمار؛ ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر السعاة ألا يخرص الجعرور؛ ومعى الفارة.
[ ص: 350 ] وذلك أنها من رديء النخل؛ فأمر ألا تخرص عليهم؛ لئلا يعتلوا به في الصدقة. وقوله - عز وجل -:
ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ؛ أي: لا تقصدوا إلى رديء المال؛ والثمار؛ فتتصدقوا به؛ وأنتم تعلمون أنكم لا تأخذونه إلا بالإغماض فيه.
ومعنى:
ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ؛ يقول: أنتم لا تأخذونه إلا بوكس؛ فكيف تعطونه في الصدقة؟! وقوله - عز وجل -:
واعلموا أن الله غني حميد ؛ أي: لم يأمركم بأن تتصدقوا من عوز؛ ولكنه لاختباركم؛ فهو حميد على ذلك؛ وعلى جميع نعمه؛ يقال: " قد غني زيد؛ يغنى؛ غنى " - " مقصور " - إذا استغنى؛ و " قد غني القوم " ؛ إذا نزلوا في مكان يقيهم؛ والمكان الذي ينزلون فيه " مغنى " ؛ و " قد غنى فلان غناء " ؛ إذا بالغ في التطريب في الإنشاد حتى يستغني الشعر أن يزاد في نغمته؛ و " قد غنيت المرأة غنيانا " ؛ قال
قيس بن الخطيم :
أجد بعمرة غنيانها ... فتهجر أم شأننا شأنها
" غنيانها " : غناها؛ و " الغواني " : النساء؛ قيل إنهن سمين " غواني " ؛ لأنهن غنين بجمالهن؛ وقيل بأزواجهن.