وقوله (تعالى):
ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير ؛
[ ص: 243 ] المعنى: " فقلنا يا جبال أوبي معه؛ وتقرأ: " أوبي معه " ؛ على معنى " عودي في التسبيح معه كلما عاد فيه " ؛ ومن قرأ: " أوبي معه " ؛ فمعناه: رجعي معه؛ يقال: " آب؛ يؤوب " ؛ إذا رجع؛ ومعنى " رجعي معه " : سبحي معه؛ ورجعي التسبيح معه؛ " والطير " ؛ و " والطير " ؛ فالرفع من جهتين؛ إحداهما أن يكون نسقا على ما في " أوبي " ؛ المعنى: " يا جبال رجعي التسبيح أنت والطير " ؛ ويجوز أن يكون مرفوعا على البدل؛ المعنى: " يا جبال؛ ويا أيها الطير؛ أوبي معه " ؛ ؛ والنصب من ثلاث جهات: أن يكون عطفا على قوله:
ولقد آتينا داود منا فضلا والطير ؛ أي: وسخرنا له الطير؛ حكى ذلك أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء؛ ويجوز أن يكون نصبا على النداء؛ المعنى: " يا جبال أوبي معه والطير " ؛ كأنه قال: " دعونا الجبال والطير " ؛ فـ " الطير " ؛ معطوف على موضع " الجبال " ؛ في الأصل؛ وكل منادى - عند البصريين كلهم - في موضع نصب؛ وقد شرحنا حال المضموم في النداء؛ وأن المعرفة مبني على الضم؛ ويجوز أن يكون " والطير " ؛ نصب على معنى " مع " ؛ كما تقول: " قمت وزيدا " ؛ أي: " قمت مع زيد " ؛ فالمعنى: " أوبي معه ومع الطير " .